responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 159

لما نفى أن يكون الذي يرى به من الدروس و العفاء من الرياح، و أن تكون التي فعلت ذلك، و كان في العادة إذا نفي الفعل الموجود الحاصل عن واحد فقيل: «لم يفعله فلان»، أن يقال: «فمن فعله؟» قدّر كأن قائلا قال: «قد زعمت أن الرياح لم تعف له محلّا، فما عفاه إذن؟»، فقال مجيبا له: «عفاه من حدا بهم و ساقا».

و مثله قول الوليد بن يزيد: [من الهزج‌]

عرفت المنزل الخالي‌

عفا من بعد أحوال‌

عفاه كل حنّان‌

عسوف الوبل هطّال‌

لما قال: «عفا من بعد أحوال»، قدّر كأنه قيل له: «فما عفاه؟» فقال: «عفاه كلّ حنّان».

و اعلم أن السؤال إذا كان ظاهرا مذكورا في مثل هذا، كان الأكثر أن لا يذكر الفعل في الجواب، و يقتصر على الاسم وحده. فأمّا مع الإضمار فلا يجوز إلا أن يذكر الفعل.

تفسير هذا: أنه يجوز لك إذا قيل: «إن كانت الرياح لم تعفه فما عفاه؟» أن تقول: «من حدا بهم و ساقا» و لا تقول: «عفاه من حدا»، كما تقول في جواب من يقول: «من فعل هذا؟»: زيد، و لا يجب أن تقول: «فعله زيد».

و أمّا إذا لم يكن السؤال مذكورا كالذي عليه البيت، فإنه لا يجوز أن يترك ذكر الفعل. فلو قلت مثلا: «و ما عفت الرياح له محلا، من حدا بهم و ساقا»: تزعم أنك أردت «عفاه من حدا بهم»، ثم تركت ذكر الفعل، أحلت‌، لأنه إنما يجوز تركه حيث يكون السؤال مذكورا، لأن ذكره فيه يدل على إرادته في الجواب، فإذا لم يؤت بالسؤال لم يكن العلم به سبيل، فاعرف ذلك.

و اعلم أن الذي تراه في التّنزيل من لفظ «قال» مفصولا غير معطوف، هذا هو التقدير فيه، و اللّه أعلم. أعني مثل قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. فَراغَ إِلى‌ أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ. فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ‌ [الذاريات:


[1] البيتان أوردهما القزويني في الإيضاح [157] ، و عزاهما للوليد، و السكاكي في المفتاح [373] ، و هما في شعر الوليد بن يزيد في المجموع، و الأغاني (7/ 32).

[2] أي: جئت بالمحال.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست