اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 158
أنّ إخوتكم قريش»، و ذلك يخرج إلى المحال، من حيث يصير كأنه يستشهد
بقوله:
«لهم إلف»، على أن هذا الزعم كان منهم، كما أنك إذا قلت: «كذبتم
فلهم إلف»، كنت قد استشهدت بذلك على أنهم كذبوا، فاعرف ذلك.
و من اللطيف في الاستئناف، على
معنى جعل الكلام جوابا في التقدير، قول اليزيديّ: [من السريع]
ملّكته حبلي، و لكنّه
ألقاه من زهد على غاربي
و قال إني في الهوى كاذب، انتقم
اللّه من الكاذباستأنف قوله: «انتقم اللّه من الكاذب»، لأنه جعل نفسه كأنه يجيب
سائلا قال له: «فما تقول فيما اتّهمك به من أنك كاذب؟» فقال أقول «انتقم اللّه من
الكاذب».
و من النادر أيضا في ذلك قول
الآخر: [من الخفيف]
قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل،
سهر دائم و حزن طويل
لما كان في العادة إذا قيل للرجل:
«كيف أنت؟» فقال: «عليل»، أن يسأل ثانيا فيقال: «ما بك؟ و ما علتك»، قدّر كأنه قد
قيل له ذلك، فأتى بقوله: «سهر دائم» جوابا عن هذا السؤال المفهوم من فحوى الحال،
فاعرفه:
و من الحسن البيّن في ذلك قول
المتنبي: [من الوافر]
و ما عفت الرّياح له محلّا،
عفاه من حدا بهم و ساقا
[1] البيتان أوردهما القزويني في الإيضاح
[151] ، و عزاهما لليزيدي،
و الطيبي في شرحه على مشكاة المصابيح (1/ 87)، و عقود الجمان
[176] ، إلقاء الحبل
على الغارب: كناية عن الإهمال، و اليزيدي: عالم شاعر راوية توفي سنة (292 ه)، و
البيتان في الأغاني لإبراهيم بن المدبر الشاعر الكاتب العباسي.
[2] البيت أورده القزويني في الإيضاح (38، 156)، و هو بلا نسبة في
التبيان للطيبي (1/ 146)، و معاهد التنصيص (1/ 100)، و الإشارات و التنبيهات
[34] ،
و شرح المرشدي على عقود الجمان (1/ 52)، و الشاهد من قوله: «عليل» لأن التقدير:
أنا عليل، و في قوله: «سهر دائم» لأن التقدير:
حالي سهر دائم و الحذف فيه
للاختصار و الاحتراز عن العبث مع ضيق المقام بسبب الضجر.
[3] البيت في ديوانه (2/ 40)، من قصيدة في مدح سيف الدولة و قد أمر
له بفرس و جارية، و قبله:
أ يدري الربع أي دم أرقا
و أي قلوب هذا أكبر لب شاقا
لنا و لأهله أبدا قلوب
تلاقى في جسوم ما تلاقى
و البيت أورده القزويني في
الإيضاح
[157] ، و السكاكي في المفتاح
[373] . عفت: محت، محلا: مكانا، الحادي: من
يسوق القافلة.
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 158