اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 138
إذا أتيت أبا مروان تسأله
و جدته، حاضراه الجود و الكرم
فقوله: «حاضراه الجود»، جملة من
المبتدأ و الخبر كما ترى، و ليس به «واو»، و الموضع موضع حال، أ لا تراك تقول:
«أتيته فوجدته جالسا»، فيكون «جالسا» حالا، ذاك لأن «وجدت» في مثل هذا من الكلام
لا تكون المتعدّية إلى مفعولين، و لكن المتعدّية إلى مفعول واحد كقولك: «وجدت
الضّالّة» إلا أنه ينبغي أن تعلم أن لتقديمه الخبر الذي هو «حاضراه» تأثيرا في
معنى الغنى عن «الواو»، و أنه لو قال:
«وجدته، الجود و الكرم حاضراه» لم يحسن حسنه الآن، و كان السبب في
حسنه مع التقديم، أنه يقرب في المعنى من قولك: «وجدته حاضره الجود و الكرم» أو
«حاضرا عنده الجود و الكرم».
و إن كانت الجملة من فعل و فاعل، و
الفعل مضارع مثبت غير منفي، لم يكد يجيء بالواو، بل ترى الكلام على مجيئها عارية
من «الواو»، كقولك: «جاءني زيد يسعى غلامه بين يديه»، و كقوله: [من البسيط]
و قد علوت قتود الرّحل يسفعني
يوم قديديمة الجوزاء مسموم
و قوله: [من الخفيف]
و لقد أغتدي يدافع ركني
أحوذيّ ذو ميعة إضريج
و كذلك قولك: «جاءني زيد يسرع»، لا
فصل بين أن يكون الفعل لذي الحال، و بين أن يكون لمن هو من سببه، فإن ذلك كلّه
يستمر على الغنى عن «الواو»، و عليه التنزيل و الكلام، و مثاله في التنزيل قوله
عزّ و جلّ: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [المدثر:
6]، و قوله تعالى: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ
يَتَزَكَّى [الليل: 17- 18]، و كقوله عزّ اسمه: وَ
يَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأعراف: 186].
فأما قول ابن همام السّلولي: [من
المتقارب]
فلمّا خشيت أظافيره
نجوت، و أرهنهم مالكا
[1] البيت لعلقمة بن عبدة، و هو علقمة بن عبدة بن النعمان بن ناشرة
بن قيس بن عبيد بن ربيعة، شاعر جاهلي مجيد، كان من صدور الجاهلية و فحولها، و
البيت في المفضليات رقم
[120] ص
[403] . و قتود الرحل: خشب الرحل و أدواته، يسفعني:
يحرقني و يغير لوني من شمسه و حرّه، الجوزاء: برج من أبراج الشمس يشتد الحر
بنزولها فيه، مسموم: شديد السموم، و هي الريح الحارة. و روايته في المفضليات: «يوم
تجيء به الجوزاء» بدل «يوم قديديمة الجوزاء».
[3] البيت لعبد اللّه بن همام السلولي في الإيضاح
[165] ، و إصلاح
المنطق (231، 249)، و خزانة الأدب (9/ 36)، و الشعر و الشعراء (2/ 655)، و معاهد
التنصيص (1/ 285).
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 138