responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 139

في رواية من روى «و أرهنهم»، و ما شبهوه به من قولهم: «قمت و أصكّ‌ وجهه» فليست الواو فيها للحال، و ليس المعنى «نجوت راهنا مالكا»، و «قمت صاكّا وجهه»، و لكن «أرهن» و «أصكّ» حكاية حال، مثل قوله: [من الكامل‌]

و لقد أمرّ على اللّئيم يسبّني،

فمضيت، ثمّت قلت: لا يعنيني‌

فكما أن «أمرّ» هاهنا في معنى «مررت»، كذلك يكون «أرهن» و «أصكّ» هناك في معنى «رهنت» و «صككت».

و يبيّن ذلك أنك ترى «الفاء» تجي‌ء مكان «الواو» في مثل هذا، و ذلك كنحو ما في الخبر في حديث عبد اللّه بن عتيك‌ حين دخل على أبي رافع اليهوديّ حصنه قال: «فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم لا أدري أنّى هو من البيت، فقلت: أبا رافع! فقال: من هذا؟ فأهويت نحو الصّوت، فأضربه بالسّيف و أنا دهش»، فكما أن «أضربه» مضارع قد عطفه بالفاء على ماض، لأنه في المعنى ماض، كذلك يكون «أرهنهم» معطوفا على الماضي قبله، و كما لا يشكّ في أنّ المعنى في الخبر:

«فأهويت فضربت»، كذلك يكون المعنى في البيت: «نجوت و رهنت»، إلا أن الغرض في إخراجه على لفظ الحال، أن يحكى الحال في أحد الخبرين، و يدع الآخر على ظاهره، كما كان ذلك في «و لقد أمرّ على اللّئيم يسبّني، فمضيت»، إلّا أن الماضي في هذا البيت مؤخّر معطوف، و في بيت ابن همام و ما ذكرناه معه، مقدّم معطوف عليه. فاعرفه.

فإن دخل حرف نفي على المضارع تغيّر الحكم، فجاء بالواو و بتركها كثيرا، و ذلك مثل قولهم: «كنت و لا أخشى بالذّئب»، و قول مسكين الدارميّ: [من الرمل‌]


[1] أصك: صكه ضربه شديدا. القاموس «صكك» [1221] .

[2] البيت لشمر بن عمرو الحنفي أحد شعراء بني حنيفة باليمامة، و هو في الأصمعيات رقم [38] ص [116] ، و رواه سيبويه في الكتاب، و الخزانة (1/ 173)، و تفسير الطبري (2/ 351). و في الأغاني أن شمر قتل المنذر بن ماء السماء غيلة، و كان الحارث بن جبلة الغساني قد بعث إلى المنذر بمائة غلام تحت لواء شمر هذا يسأله الأمان على أن يخرج له عن ملكه و يكون من قبله، فركن المنذر إلى ذلك و أقام الغلمان معه فاغتاله شمر، و تفرق من كان مع المنذر و انتهبوا عسكره.

و معنى البيت: يقول: أتجاهل شتم اللئيم لأنه أحقر من أن يعني لي شيئا.

[3] عبد اللّه بن عتيك الأنصاري استشهد باليمامة سنة [12] ه. أسد الغابة (3/ 204) و الإصابة (2/ 332).

[4] أخشى: أخوف. مثل ذكره الميداني في مجمع الأمثال بلفظ «لقد كنت و ما أخشى بالذئب».

يضرب للعجوز الخرف الذي يخاف من هجوم الذئب عليه.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست