responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 120

و من ذلك قوله تعالى: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‌ [فاطر: 3]، لو قيل: «هل من خالق غير اللّه رازق لكم»، لكان المعنى غير ما أريد.

و لا ينبغي أن يغرّك أنّا إذا تكلّمنا في مسائل المبتدأ و الخبر قدّرنا الفعل في هذا النحو تقدير الاسم، كما نقول، في «زيد يقوم»، إنه في موضع «زيد قائم»، فإن ذلك لا يقتضي أن يستوي المعنى فيهما استواء لا يكون من بعده افتراق، فإنهما لو استويا هذا الاستواء، لم يكن أحدهما فعلا و الآخر اسما، بل كان ينبغي أن يكونا جميعا فعلين، أو يكونا اسمين.

و من فروق الإثبات أنك تقول: «زيد منطلق» و «زيد المنطلق»، «المنطلق زيد»، فيكون لك في كل واحد من هذه الأحوال غرض خاص و فائدة لا تكون في الباقي. و أنا أفسّر لك ذلك.

اعلم أنك إذا قلت: «زيد منطلق»، كان كلامك مع من لم يعلم أن انطلاقا كان، لا من زيد و لا من عمرو، فأنت تفيده ذلك ابتداء.

و إذا قلت: «زيد المنطلق» كان كلامك مع من عرف أن انطلاقا كان، إما من زيد و إما من عمرو، فأنت تعلمه أنه كان من زيد دون غيره.

و النكتة أنك تثبت في الأول الذي هو قولك: «زيد منطلق» فعلا لم يعلم السامع من أصله أنه كان، و تثبت في الثاني الذي هو «زيد المنطلق» فعلا قد علم السامع أنه كان، و لكنه لم يعلمه لزيد، فأفدته ذلك. فقد وافق الأوّل في المعنى الذي له كان الخبر خبرا، و هو إثبات المعنى للشي‌ء. و ليس يقدح في ذلك أنّك كنت قد علمت أن انطلاقا كان من أحد الرجلين، لأنّك إذا لم تصل إلى القطع على أنه كان من زيد دون عمرو، و كان حالك في الحاجة إلى من يثبته لزيد، كحالك إذا لم تعلم أنه كان من أصله.

و تمام التحقيق أنّ هذا كلام يكون معك إذا كنت قد بلّغت أنه كان من إنسان انطلاق من موضع كذا في وقت كذا لغرض كذا، فجوّزت أن يكون ذلك كان من زيد. فإذا قيل لك: «زيد المنطلق»، صار الذي كان معلوما على جهة الجواز، معلوما على جهة الوجوب. ثم إنهم إذا أرادوا تأكيد هذا الوجوب أدخلوا الضمير المسمّى «فصلا» بين الجزءين فقالوا: «زيد هو المنطلق».

و من الفرق بين المسألتين، و هو مما تمسّ الحاجة إلى معرفته، أنك إذا نكّرت‌

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست