responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 115

ليس الأمر بالصّلة هو النّهي عن القطيعة؟ قل: أو ما علمت أن الكناية و التعريض لا يعملان في العقول عمل الإفصاح و التكشيف».

انتهى الفصل الذي أردت أن أكتبه. فقد بصّرك هذا أن لن يكون إيقاع نفي الوجود على صريح لفظ المثل، كإيقاعه على ضميره.

و إذ قد عرفت هذا، فإنّ هذا المعنى بعينه قد أوجب في بيت ذي الرّمة أن يضع اللفظ على عكس ما وضعه البحتري‌، فيعمل الأول من الفعلين، و ذلك قوله: [من الوافر]

و لم أمدح لأرضيه بشعري‌

لئيما، أن يكون أصاب مالا

أعمل «لم أمدح»، الذي هو الأول، في صريح لفظ «اللئيم»، و «أرضى»، الذي هو الثاني، في ضميره. و ذلك لأن إيقاع نفي المدح على اللّئيم صريحا، و المجي‌ء به مكشوفا ظاهرا، هو الواجب من حيث كان أصل الغرض، و كان الإرضاء تعليلا له. و لو أنه قال: «و لم أمدح لأرضي بشعري لئيما»، لكان يكون قد أبهم الأمر فيما هو الأصل، و أبانه فيما ليس بالأصل، فاعرفه.

و لهذا الذي ذكرنا من أن للتّصريح عملا لا يكون مثل ذلك العمل للكناية، كان لإعادة اللفظ في مثل قوله تعالى: وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ‌ [الإسراء:

105]، و قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 1- 2]، من الحسن و البهجة، و من الفخامة و النّبل، ما لا يخفى موضعه على بصير. و كان لو ترك فيه الإظهار إلى الإضمار فقيل: «و بالحق أنزلناه و به نزل»: و «قل هو اللّه أحد هو الصمد» لعدمت الذي أنت واجده الآن.


[1] في البيان و التبيين الكشف.

[2] المقصود به البيت السابق.

[3] البيت لذي الرمة في ديوانه [200] ، و رواية الديوان هي:

 

و لست بمادح أبدا لئيما

بشعري أن يكون أفاد مالا

و البيت من قصيدة يمدح فيها بلال بن أبي بردة، و هو في الإيضاح [113] ، و المراد أنه لا يمدح اللئام من الناس و لو كانوا أثرياء.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست