اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 113
إذا شئت غنّتني بأجزاع بيشة
أو الزّرق من تثليث أو بيلملما
مطوّقة و رقاء تسجع كلّما
دنا الصّيف و انجاب الرّبيع فأنجما
و قول البحتريّ: [من الطويل]
إذا شاء غادى صرمة، أو غدا على
عقائل سرب، أو تقنّص ربربا
و قوله: [من الكامل]
لو شئت عدت بلاد نجد عودة،
فحللت بين عقيقه و زروده
معلوم أنك لو قلت: «و إن شئت أن لا
ترقل لم ترقل»، أو قلت: «إذا شئت أن تغنّيني بأجزاع بيشة غنّتني»، و «إذا شاء أن
يغادي صرمة غادى»، و «لو شئت أن تعود بلاد نجد عودة عدتها» أذهبت الماء و الرّونق،
و خرجت إلى كلام غثّ، و لفظ رثّ.
- و أمّا قول الجوهريّ: [من الطويل]
فلم يبق منّي الشّوق غير تفكّري،
فلو شئت أن أبكي بكيت تفكّرا
فقد نحا به نحو قوله: «و لو شئت أن
أبكي دما لبكيته»، فأظهر مفعول «شئت»، و لم يقل: «فلو شئت بكيت تفكرا»، لأجل أن له
غرضا لا يتمّ إلّا بذكر المفعول. و ذلك أنه لم يرد أن يقول: «و لو شئت أن أبكى
تفكّرا بكيت كذلك»، و لكنه أراد أن يقول: قد أفناني النحول، فلم يبق منّي وفيّ غير
خواطر تجول، حتى لو شئت بكاء فمريت شئوني، و عصر عيني ليسيل منها دمع لم أجده، و
لخرج بدل الدمع التّفكّر. فالبكاء الذي أراد إيقاع المشيئة عليه مطلق مبهم غير
معدّى إلى «التفكر» البتة، و «البكاء» الثاني مقيّد معدّى إلى التفكر. و إذا كان
الأمر كذلك،
[1] البيتان في ديوانه، و هما في الأغاني (4/ 349)، و يروى البيت
الأول في الأغاني: «من يلملما» بدل «أو بيلملما». الأجزاع: جمع جزعة، و هي الرملة
الطيبة المنبت لا وعوثة فيها. بيشة: اسم قرية غناء في واد كثير الأهل من بلاد
اليمن. التثليث: موضع بالحجاز قرب مكة.
[2] البيت في ديوانه. الصّرمة: القطعة من الإبل قيل: هي ما بين
العشرين إلى الثلاثين، و قيل: هي ما بين الثلاثين إلى الخمسين و الأربعين، فإذا
بلغت الستين فهي الصّدعة، و قيل: هي ما بين عشرة إلى بضع عشرة. و عقائل السرب:
كرائمه، الربرب: قطيع البقر الوحشي.
[3] البيت للبحتري في ديوانه، و هو في مفتاح العلوم
[334] ، و
الإيضاح
[111] . العقيق و زرود:
موضعان، و المخاطب في البيت
السحاب.
[4] الجوهري: هو أبو الحسن علي بن أحمد الجوهري الجرجاني من شعراء
الصاحب بن عباد.
[5] مريت: مرى الناقة يمريها مسح ضرعها فأمرت هي در لبنها
«القاموس: مرى»
[1719] .
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 113