responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 103

و قوله أيضا: [من الكامل‌]

إنّي عشيّة رحت و هي حزينة

تشكو إليّ صبابة لصبور

و تقول: بت عندي، فديتك، ليلة

أشكو إليك، فإنّ ذاك يسير

غرّاء مبسام، كأنّ حديثها

درّ تحدّر نظمه منثور

محطوطة المتنين، مضمرة الحشا،

ريّا الرّوادف، خلقها ممكور

و قول الأقيشر في ابن عمّ له موسر، سأله فمنعه و قال: كم أعطيك ما لي و أنت تنفقه فيما لا يغنيك؟ و اللّه لا أعطيتك. فتركه حتى اجتمع القوم في ناديهم و هو فيهم، فشكاه إلى القوم و ذمّه، فوثب إليه ابن عمه فلطمه، فأنشأ يقول: [من الطويل‌]

سريع إلى ابن العمّ يلطم وجهه،

و ليس إلى داعي النّدى بسريع‌

حريص على الدّنيا، مضيع لدينه،

و ليس لما في بيته بمضيع‌

فتأمّل الآن هذه الأبيات كلّها، و استقرها واحدا واحدا، و انظر إلى موقعها في نفسك، و إلى ما تجده من اللّطف و الظّرف إذا أنت مررت بموضع الحذف منها، ثم فليت النّفس عمّا تجد، و ألطفت النظر فيما تحسّ به. ثم تكلّف أن تردّ ما حذف الشاعر، و أن تخرجه إلى لفظك، و توقعه في سمعك، فإنك تعلم أن الذي قلت كما قلت، و أن ربّ حذف هو قلادة الجيد، و قاعدة التّجويد، و إن أردت ما هو أصدق في ذلك شهادة، و أدلّ دلالة، فانظر إلى قول عبد اللّه بن الزّبير يذكر غريما له قد ألحّ عليه: [من الطويل‌]

عرضت على زيد ليأخذ بعض ما

يحاوله قبل اعتراض الشّواغل‌

فدبّ دبيب البغل يألم ظهره‌

و قال: تعلّم، إنّني غير فاعل‌

تثاءب حتّى قلت: داسع نفسه‌

و أخرج أنيابا له كالمعاول‌


[1] الأبيات لجميل بثينة، و هي في الأغاني (8/ 156)، و قالها عند ما شكا زوج بثينة إلى أبيها و أخيها إلمام جميل بها، فوجهوا إلى جميل فأعذروا إليه و شكوه إلى عشيرته و توعدوه و إياهم فلامه أهله و عنّفوه و قالوا: استخلص إليهم و نبرأ منك و من جريرتك فأقام مدة لا يلم بها فلقي ابني عمه وقا و مسعدة فشكا إليهما ما به و أنشدهما هذه الأبيات.

[2] الأقيشر: هو المغيرة بن عبد اللّه بن معرض الأسدي عاصر الإسلام و توفي في خلافة عبد الملك عام 80 ه. انظر الأغاني (1/ 251).

[3] البيتان في الإيضاح [39] ، و المفتاح [266] ، و لطائف التبيان [45] ، و الإشارات و التنبيهات:

[34] ، و الخزانة (2/ 281)، و معاهد التنصيص (3/ 242).

[4] من مجموع شعره [115] ، عن الأغاني (14/ 240، 241)، و غريم عبد اللّه يقال له: «ذئب» كما ذكر صاحب الأغاني.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست