لأنّ بعض الإسناد عنده (١) ليس بحقيقة ولا مجاز ، كقولنا : الحيوان جسم ،
والإنسان حيوان ، وجعل الحقيقة (٢) والمجاز صفتي الإسناد دون الكلام ، لأنّ اتّصاف
الكلام بهما إنّما هو باعتبار الإسناد وأوردهما (٣) في علم المعاني لأنّهما من
أحوال اللّفظ
(١) أي عند
المصنّف ، كما إذا لم يكن المسند فعلا أو ما بمعناه «كقولنا : الحيوان جسم».
وحاصل الكلام :
إنّ المصنّف ملتزم بوجود الواسطة ، ولذا لم يقل : إمّا حقيقة وإمّا مجاز ، لأنّ
هذه العبارة تفيد الحصر والمصنّف لا يقول به ، إذ كلمة «إمّا» في مقام التّقسيم
يكون أمرها مردّدا بين أن تكون للانفصال الحقيقيّ أو لمانع الخلوّ. والوجه فيه أنّ
الغرض في مقام التّقسيم هو ضبط الأقسام فتفيد الحصر.
(٢) قوله : «وجعل
الحقيقة» جواب لسؤال مقدّر ، والتّقدير : أنّ المصنّف لماذا عدل عمّا صنعه الشّيخ
عبد القاهر والسكّاكي من جعلها الحقيقة والمجاز صفة للكلام.
حيث قال الأوّل
في حدّ الحقيقة العقليّة : كلّ جملة وضعتها على أنّ الحكم المفاد بها على ما هو
عليه في العقل واقع موقعه ، وفي حدّ المجاز العقليّ : كلّ جملة أخرجت الحكم المفاد
بها عن موضعه في العقل بضرب من التّأويل.
وقال : الثّاني : ثمّ الكلام منه حقيقة عقليّة ومنه مجاز عقليّ.
وحاصل
الجواب : والوجه في عدول
المصنّف أنّ المتّصف بالحقيقة والمجاز العقليّين في الواقع إنّما هو الإسناد ، حيث
إنّ الإسناد إلى ما هو له حقيقة وإلى غير ما هو له مجاز ، ويتّصف بهما الكلام
باعتبار اشتماله على الإسناد.
(٣) أي أورد
المصنّف الحقيقة والمجاز العقليّين في علم المعاني دون علم البيان ، وهذا الكلام
من الشّارح جواب لسؤال مقدّر ، تقديره : أن يقال إنّ الحقيقة والمجاز إنّما هما من
مباحث علم البيان ، فلماذا أوردهما في علم المعاني؟
وحاصل
الجواب : إنّ المصنّف
أوردهما في علم المعاني لأنّهما من أحوال اللّفظ فيدخلان في علم المعاني.
لا
يقال : إنّه ليس الأمر
كذلك ، لأنّ التّأكيد والتّجريد راجعان إلى اللّفظ بخلاف كون الإسناد حقيقة ومجازا
، فإنّه راجع إلى الإسناد ، وهو أمر معنوي ، فالبحث عنه لا يكون