(١) كلمة «ثمّ»
هنا للاستئناف النّحويّ ، لا الاستئناف البيانيّ ، فلا بدّ من جعل هذه الجملة
منقطعة عمّا قبلها. والفرق بينهما : إنّ المراد بالاستئناف النّحويّ : هو مطلق
الانقطاع عن الجملة السّابقة ، والمراد بالاستئناف البيانيّ : هو خصوص الانقطاع
على نحو أن يكون جوابا لسؤال ناش من الأولى ، وهذا لا يستقيم في المقام لعدم كون
الأولى منشأ لسؤال.
قال : «ثمّ
الإسناد» ولم يقل : (ثمّ هو) بالإضمار لتقدّم ذكر الإسناد لئلّا يتوهّم أنّه مخصوص
بالإسناد الخبريّ ، لأنّه هو المتقدّم ، والمراد هنا مطلق الإسناد سواء كان إخبارا
أو إنشاء.
(٢) بيان
للإطلاق.
(٣) وظاهر كلام
المصنّف ـ حيث قال : «ثمّ الإسناد منه حقيقة عقليّة» ومنه مجاز عقليّ ـ أنّ
المسّمي بالحقيقة العقليّة والمجاز العقليّ هو الإسناد لا الكلام على ما ذكره صاحب
المفتاح ، وهو الظّاهر من مواضع من دلائل الإعجاز.
نعم ، تصحّ
تسمية الكلام بهما بواسطة الإسناد ، فالحقّ ما اختاره المصنّف. ثمّ كلّ من حقيقة
والمجاز على نحوين : عقليّ ولغوي.
والفرق بينهما
يمكن بوجهين :
الأوّل
: إنّ الحقيقة
العقليّة إنّما هي في الإسناد حيث إنّ إسناد الفعل إلى ما هو له حقيقة عقليّة ،
وإلى غير ما هو له مجاز عقليّ ، والحقيقية اللغويّة إنّما هي في المفردات أعني
طرفيّ الإسناد حيث إنّ استعمال اللّفظ فيما وضع له حقيقة لغويّة ، وفي غير ما وضع
له مجاز لغويّ.
الثّاني
: إنّ الحاكم في
الأوّل هو العقل ، فالإسناد حقيقة عقليّة باعتبار أنّه ثابت في محلّه ، ومجاز
عقليّ باعتبار أنّه متجاوز إيّاه ، والحاكم بذلك هو العقل دون الوضع ، وفي الثّاني
حيث إنّ اللّفظ مستعملا في معناه أو متجاوزا عنه إنّما يدرك بوضع اللّغة ، فتسمّى
الحقيقة لغويّة والمجاز لغويّا ، فأنبت الرّبيع البقل من الموحّد مجاز عقليّ ، ومن
الدّهري حقيقة عقليّة ، لتفاوت عمل عقلهما ، مع اتّحاد الوضع اللّغوي عندهما.