ثابت لمفهوم الأخرى أو منفيّ عنه وإنّما قدّم (١) بحث الخبر لعظم شأنه (٢)
وكثرة مباحثه (٣) ، ثمّ قدّم (٤) أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع
تأخّر النّسبة عن الطّرفين ، لأنّ البحث (٥) في علم المعاني إنّما هو عن أحوال
اللّفظ الموصوف بكونه مسندا إليه أو مسندا ، وهذا الوصف إنّما يتحقّق بعد تحقّق
الإسناد ، والمتقدّم على النّسبة إنّما هو ذات الطّرفين ولا بحث لنا عنها [ولا شكّ
(٦) أنّ قصد المخبر] أي من يكون (٧) بصدد الإخبار والإعلام ،
(١) أي قدّم
المصنّف بحث الخبر المذكور في هذا الباب ، والأبواب الأربعة بعده على الإنشاء.
(٢) أي الخبر
شرعا ، فإنّ الاعتقاديّات كلّها أخباريّة ، وكذلك أكثر المحاورات أخباريّة.
(٣) أي الخبر ،
لأنّ المزايا والخواصّ المعتبرة عند البلغاء أكثر وقوعها فيه ، هذا مضافا إلى أنّ
الخبر أصل الإنشاء ، لأنّ الإنشاء إنّما يحصل منه باشتقاق ، كالأمر والنّهي أو نقل
كعسى ونعم وبعت واشتريت ، والأصل متقدّم على الفرع.
(٤) حاصل
الاعتراض : إنّ الإسناد متأخّر عن كلّ من المسند إليه والمسند وجودا فيجب أن
يتأخّر البحث عن أحواله عن أحوالهما.
(٥) قوله : «لأنّ
البحث» علّة لتقديم أحوال الإسناد على المسند إليه والمسند وجواب عن الاعتراض
المذكور ، وملخّص الجواب : إنّ البحث في علم المعاني ليس عن ذات المسند إليه أو
المسند ، بل عنهما بعد اتّصافهما بالمسند إليه والمسند ، ولا يعقل الاتّصاف إلّا
بعد الإسناد ، فالإسناد متقدّم طبعا ، فينبغي أن يتقدّم وضعا.
والمتحصّل من
الجميع : أنّ النّسبة وإن كانت متأخّرة عن ذات الطّرفين إلّا أنّ الطّرفين بوصف
كون أحدهما مسندا إليه والآخر مسندا لم يتحقّقا إلّا بعد تحقّق الإسناد ، لأنّه ما
لم يسند أحدهما إلى الآخر لم يصير أحدهما مسندا إليه والآخر مسندا.
(٦) أي العبارة
بتقدير حرف الجرّ ، وكانت في الأصل (لا شكّ في أنّ قصد المخبر) أي مقصوده بخبره
إفادة المخاطب إمّا الحكم أو كونه عالما به.
(٧) أي الأولى
إسقاط الإعلام ، لأنّ الإخبار أعمّ من الإعلام والإفهام ، فلا حاجة إلى ذكره بعده
، ثمّ التّفسير المذكور أعني «من يكون ...» إشارة إلى ردّ ما أورده على المصنّف
خطيب اليمن ، من أنّه لا وجه لحصر قصد المخبر على الأمرين المذكورين أعني : إفادته