فإن قلت : إنّ المصنّف حيث إنّه لم يقل الأخرى أو ما يجري مجراها
، يكون ملتزما بأنّ المسند إليه دائما لا يكون إلّا كلمة مفردة ، وهو غير صحيح ،
لأنّه ينتقض بمثل : (لا حول ولا قوّة إلّا بالله كنز من كنوز الجنّة) وقوله تعالى
: (أولم يكفيه أنا أنزلناه) حيث إنّ المبتدأ في الأوّل ، والفاعل في الثّاني يكون
ممّا يجرى مجرى الكلمة المفردة.
قلت
: يمكن الجواب
عن ذلك بوجوه :
الأوّل
: أنّه لم
يتعرّض لذلك بأن يقول : أو ما يجرى مجراها ، لقلّة وقوعه في المسند إليه.
والثّاني : أنّه محذوف من الثّاني لدلالة الأوّل.
والثّالث : إنّ المراد بالكلمة في قوله : «ضمّ كلمة» ليس خصوص
الكلمة المسندة بل المراد بها المعنى العامّ الشّامل للمسند والمسند إليه ، وكذلك
المراد بما يجرى مجراها والأخرى ، فحينئذ لا حاجة إلى الالتزام بالحذف ، أو
الالتزام بأنّه لم يتعرّضه لقلّته في المسند إليه.
وكيف كان فكلّ
من المسند والمسند إليه قسمان : كلمة وما يجرى مجراها فالأقسام أربعة : الأوّل : أن يكون كلّ منهما كلمة مفردة كما في قولك : زيد قائم.
والثّاني : أن يكون كلّ منهما جاريا مجرى كلمة واحدة كما في قولك :
لا إله إلّا الله ينجو صاحبه من النّار.
والثّالث : أن يكون المسند إليه جاريا مجرى الكلمة الواحدة ،
والمسند كلمة مفردة حقيقيّة ، كما في قولك : لا إله إلّا الله ذكر.
والرّابع : أن يكون الأمر بالعكس ، كما في قولك : زيد قام أبوه.
(٢) الباء
للملابسة ، والضّمير المستتر في قوله : «يفيد» عائد إلى الضّمّ.
(٣) حاصل
المعنى : أنّ الإسناد عبارة عن انضمام كلمة إلى أخرى انضماما متلبّسا بحالة وهي أن
يفيد ذلك الانضمام المخاطب أنّ مفهوم المحكوم به ثابت لمفهوم المحكوم عليه كقولك :
زيد قائم ، أو منفيّ عنه كقولك : زيد ليس بقائم.