بذلك الشخصيّة الحقوقيّة . وهذا أقرب الى وجهة نظر الفقه الغربي من الوجهين الأوّلين ، لما عرفت من أنّ الفقه الغربي يعطي أمر تشريع القوانين المصحّحة للشخصيّات الحقوقيّة بيد الدولة ، ورئيس الدولة في رأينا هو الوليّ الفقيه وهو الذي يكون من حقّه تشريع قوانين معيّنة تتمّ على ضوئها الشخصيّات الحقوقيّة ضمن ضوابط وشروط .
وتنقيح هذا الوجه يتوقّف على الالتفات الى مقدار سعة دائرة ولاية الفقيه ، فنقول : إنّ الولاية اُعطيت للفقيه من قِبل الشريعة الإسلاميّة ، والمفهوم عرفاً من كلّ ولاية تعطى لأحد أو لفئة من قِبل نظام مّا أنّها ولاية في دائرة ما يكون داخلاً تحت ذاك النظام دون ما يكون خروجاً عليه ، وكذلك الحال بالنسبة لولاية الفقيه ، فالمفهوم عرفاً ـ من دليل ولاية الفقيه المعطاة له من قبل نظام الإسلام ـ هو الولاية في أمر لا يكون في نفسه خروجاً عن ذاك النظام ، خاصّة إذا كان دليلنا مثل قول الحجّة عجّل الله فرجه : « أمـّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله ( أو ) وأنا حجّة الله عليهم »[1] . فالأمر بالرجوع الى الرواة علّل بأنّهم حجّة الإمام (عليه السلام) ، فلا يفهم من ذلك الولاية في أمر يكون في ذاته خروجاً عن النظام الذي يؤمن به الإمام (عليه السلام) .
وعلى هذا فنقول : إنّ الولاية تارةً تلحظ بلحاظ دائرة الأحكام التكليفيّة ، واُخرى تلحظ بلحاظ دائرة الاحكام الوضعيّة .
أمّا إذا لاحظنا دائرة الأحكام التكليفيّة فمقتضى الالتزام بما شرحناه من كون الولاية فيما لا يكون خروجاً على نظام الإسلام هو أن تختصّ الولاية بدائرة
[1] الوسائل 18 : 101 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 9 ، وكتاب إكمال الدين وإتمام النعمة : 484 ، الباب 45 التوقيعات التوقيع الرابع بحسب طبعة دار الكتب الإسلاميّة بطهران ، وكتاب الغيبة للطوسي (رحمه الله): 177 بحسب طبعة مطبعة النعمان في النجف الأشرف .