الدار . وهذا يناسب التكليف والوضع ، فالمعنى ـ والله أعلم ـ : أنّه ـ تعالى ـ أحلّ البيع محلّه وأقرّه مقرّه ، ولم يجعله كالقمار بحكم العدم[1] .
وأورد عليه السيّد الخوئيّ (رحمه الله) : بأنّ حمل الحلّ في الآية الكريمة على معنى الحلول والقرار خلاف الظاهر ، خصوصاً بملاحظة مقابلته بـ « حرّم الربا » ، إذ لو كان المقصود به الحلول والقرار لكان المناسب مقابلته بالإزالة ، فيقول : وأزال الربا[2] .
أقول : الظاهر أنّ « أحلّ » في الآية المباركة ليس من الحلّ بفتح الحاء في مقابل الشدّ والعقد لأنّه يتعدّى إلى ما يحلّ بنفسه لا بباب الإفعال ، ولا من الحلول بمعنى القرار ، لأنّه لا يناسب المقابلة بـ « حرّم الربا » ، بل المفروض أن يقابل بـ ( أزال الربا ) ، وإنّما هو مِنَ الحِل ـ بكسر الحاء ـ في مقابل الحرمة ، كما تشهد له مقابلته بـ « حرّم الربا » . وهذا حقيقة في الحلّيّة التكليفيّة ، ومجاز في الحلّيّة الوضعيّة . فالصحيح أن نصوغ من الوجهين دليلا واحداً على المقصود بالتقريب الذي مضى .
على أنّه يرد على جعل تفسير الحلّ بالحلّيّة الوضعيّة دليلا مستقلاًّ في مقابل الوجه الاول : أنّ الربا اسم لذات الربح ، بينما البيع اسم للعقد الذي هو أمر اعتباريّ ، وكما يحتمل حمل الربا بقرينة المقابلة بالبيع على معنى البيع الربوي مثلا كذلك يحتمل حمل البيع بقرينة المقابلة بالربا على الربح البيعي . وعلى هذا التقدير يتعيّن الحلّ في الحلّيّة التكليفيّة .
[1] تعليقة الشيخ الاصفهاني على المكاسب 1 : 25 .
[2] المحاضرات 2 : 49 ، ومصباح الفقاهة 2 : 95 و 96 .