من هنا فإن الإسلام لا يرضى بأن يقودك إنسان عالم تقي أيّاً كانت درجة علمه وتقواه. بل يجب أن تبحث عمّن يكون في درجات رفيعة من العلم والتقوى فتتخذه إماما لك، لأن الله سبحانه قد جعل هذا الإنسان إمامك، لأنه كلما زادت وتكثفت قيمتا العلم والتقوى في شخص، كلما كانت قيادته أقوى وأرسخ وأفضل عند الله سبحانه وتعالى، ولانه الاضمن والأقرب إلى الحفاظ على الدين والدنيا. لذلك تجد القرآن الحكيم حينما يذكّرنا بشروط القيادة الإسلامية، يبين لنا ذلك عبر كلمتي" الربانيون" و" الأحبار". فالربانيون هم العلماء الممحّضون في الله، الأتقياء أولا والعلماء ثانيا، ولذلك فإنهم القادة الحقيقيون للمجتمع. ولكن في حالة افتقادنا للربانيين، آنئذ تأتي مرحلة الأحبار، وهم العلماء أولا والأتقياء ثانيا، يقول تعالى:
ولكي نعرف صفات الأتقياء، بشكل دقيق، نستمع معاً إلى سيد المتقين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهو يصفهم لنا في الرواية التالية:
(أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه. فقسم بينهم معيشتهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم.
اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 45