responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 46

فالمتقون فيها هم أهل الفضائل. منطقهم الصواب، وملبسهم، الاقتصاد ومشيهم التواضع.

غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم.

نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نُزلت في الرخاء. ولولا الاجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب.

عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون.

قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة.

صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم ربهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها. وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها.

أما الليل فصافون أقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا. يُحَزِّنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم. وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم، وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم.

وأما النهار فحلماء علماء، أبرار أتقياء. قد براهم الخوف بري القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم.

لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير. فهم لانفسهم متهمون. ومن أعمالهم مشفقون. إذا زُكِّي أحدهم خاف مما يقال له فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من نفسي. اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون.

فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين. وحرصا في علم، وعلما في حلم، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة،

اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست