ابتلي الإسلام طيلة تأريخه ببلا ءين، كل بلاء منهما أشدّ خطراً من الآخر؛ البلاء الأول يتمثّل في التفسير الطاغوتي له، والبلاء الثاني هو التفسير القشري للاسلام.
ونحن لا نستطيع أن نقول إنّ أحد البلاءين كان أقل خطورة من التالي، كما لا يمكننا أن نفصل بين هذين النوعين من التفسير للإسلام. ونحن لا يعنينا هنا بيان العلاقة الوثيقة، بل العضوية بين هذين النوعين من التفسير الخاطئ لرسالات السماء، بل إنّ الذي يهمّنا بيان الصفات الاساسية لهما.
نظرة الطغاة إلى الدين
إنّ الجبابرة والطغاة يحاولون دائماً أن يشيعوا أن دين الله سبحانه بعيد عن السياسة، وأن السياسة بعيدة عن الدين، حتى قال قائلهم: (لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين). فهؤلاء يرون أن المسجد للمصلّين، وأننا لا يمكن أن نسمح بممارسة السياسة في المساجد. كما يقولون بانّ الدين ما هو إلا تجربة شخصية بين الإنسان وربّه، وإنّ هذه التجربة متنوعة ومتعدّدة ولا تخضع لأية ضوابط ومقاييس، كما قال بذلك (وليام جيمس) مؤسّس المنطق الوسيلي السائد الآن في العالم الغربي.