فالمشركون ومن أجل أن يتملّصوا من الايمان بالرسالة الالهية، ومن أجل أن يحافظوا على مصالحهم، ادّعو إنّ الرسول ينبغي أن يكون ملكاً، وأن تكون له أجنحة يطير بها في السماء، وإنّ من المفروض أن يكون جبرائيل ملازماً له، وأن يقوم بعمل خارق، ويهبط بكنز من السماء، أو أن تكون له بساتين ومزارع وحقول يأكل منها.
وعندما ضاقت على بعضهم الحيَل، اتّهموا الرسول بأنّه رجل مسحور، دون أن يفرّقوا بين السحر والرسالة، ولذلك وصفهم تعالى بانّهم ظالمون: وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُوراً.
معادلة الرسالة
ثم يقول عز من قائل: انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الامْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ذلك لانّ معادلة الرسالة هي معادلة جديدة، وأن طبيعتها تختلف عن طبيعة الاوضاع السياسية التي كانوا يعيشونها، ولكنهم لا يعرفون كيف يقيّمونها، ولذلك تراهم يضلّون السبيل، ففي يوم يقولون كلاماً، ثم لا يلبثون غداً أن يتركوه إلى كلام آخر. وهذه هي طبيعة المشركين والكافرين في كل عصر ومكان.