responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 194

التوليّ قبل التبرّي

وقبل أن يبيّن القرآن الكريم حالة التبرّي، يوضح لنا التولّي، ذلك لأنّه قبل أن يأمرنا بأن نكفر بالطاغوت، ونقاوم الجبابرة والمستبدّين، فقد أمرنا بالالتفاف حول النور والاستلهام منه، وهو نور الرسالة والوحي الذي يتجلّى في شخص الرسول الأعظم صلى الله عليه واله، ومن ثم الأوصياء والأئمة الذين يمثلون الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.

وبعد أن يرسي القرآن الكريم قواعد الصرح الإيماني المتكامل، ينطلق ليبين الجانب السلبي الآخر، وهو جانب البراءة والتبرّي فيقول الله سبحانه: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (النور، 39). أي إن أعمال الكافرين هي كالسراب في أرض بلقع لا ماء فيها ولا كلأ سوى السراب الذي يتجلى للناظر في الهاجرة على امتداد الأرض فيظهر وكأنّه بحيرة ماء، ولكنهّم سرعان ما يكتشفون أنّه مجرّد وهم، لأنهّم لا يمكن أن يصلو إليه مهما جروا وراءه.

وهكذا فاّن الأعمال التي لا تكون قائمة على أساس من النور الالهي، وليست في إطار القيادة الالهية الشرعية، والمنهج الرباني في الأرض، فانّ مثلها كمثل السراب. وما أروع هذا التمثيل والتصوير، على أنّ هناك تصويراً وتمثيلًا أكثر عظمة ورهبة جاء في قول الله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور، 40). فلنتصّور هذا الموقف؛ بان الانسان الكافر مثله كمثل من يقف في قاع من البحر حُجب عنه نور الشمس فهو في ظلام دامس، وهناك أيضاً الأمواج المتراكمة المتلاطمة، فوقها سحاب أسود، والوقت ليل حالك ... فالأعمال السيّئة

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست