responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 193

وهذه البيوت هي مرابض وقواعد لرجال تحّدوا شهواتهم، وصرعوا أهواءهم، وخالفت مواقفهم مصالحهم، كما يشير الى ذلك جل جلاله في قوله: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) (النور، 36- 37). صحيح إنهّم يشترون، ويبيعون، ويتعاملون مع الآخرين ... ولكن كل ذلك لا يحجبهم عن ذكر الله تبارك وتعالى؛ فألسنتهم تلهج بذكره، وقلوبهم معمورة بحبّه وخشيته، وأرواحهم تستضيء بنوره. فهم لا يفكرون عند البيع بغش أو مكر أو خداع، وعند الشراء لا تراهم يفكرون في مصالحهم، بل بمصالح الآخرين يضعونها نصب أعينهم. وهؤلاء هم الرجال المعنيون في الآية الكريمة السابقة، أما الذين يفكرون عند البيع والشراء والتعامل بمصالحهم، وينسون الخالق، ويغفلون عن ذكره وتعاليمه في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ويتناسون العمل الجهاديّ، ويخلطون حقّاً بباطل، فانهّم لا يستطيعون- والحالة هذه- أن يرتقوا الى مستوى أولئك الرجال الذين يقول عنهم الله تعالى: رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ (النور، 37).

والسبب في ذلك أنّ البيع والشراء، والاقتصاد، والسياسة، وكلّ مظاهر الدنيا تتضاءل أمام أعينهم، لأنّها مشدودة الى ذلك اليوم الثقيل، فهم في رهبة منه عظيمة وفزع كبير كما يقول الله تعالى:

(يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَار) (النور، 37). وفي آية من سورة الدهر نقرأ قول الله تعالى:

(إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا) (الإنسان، 27).

وهذا اليوم الثقيل تنفطر له السماوات، وتتشقق له الأرض، وتندك له الجبال، فكيف الحال بنا؟

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست