responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 162

كيف نتواصل مع عالم الأمر؟

حينما نتدبر آيات القرآن الكريم، ونتعمق في محتواها، نجد أن هناك عالمان يتحكمان بالكون والخليقة، وهما: عالم الخلق، وعالم الأمر. وإذا كان عالم الخلق يخضع لجملة من العوامل التي يتبع بعضها بعضاً، فإن عالم الأمر المحيط بعالم الخلق لا يخضع لتلك العوامل، بل إنه هو الذي يتحكم بها ويؤثر فيها.

إن عالم الخلق يخضع لما يسميه الناس بالقوانين الطبيعية، وإن كانت هذه التسمية غير مقبولة شرعاً، لأن الله تبارك وتعالى لا يخضع لشيء اسمه الجبر ولا تتحتم عليه علّة، ولا هو بالإله الذي يخلق خلقه ثم يتركهم لشأنهم.

نعم؛ إن القانون الطبيعي يؤكد أن الماء سائل، وأن النار تحرق، وأن المرض الخبيث يقتل، وأن بإمكان الإنسان تغيير الطبيعة والظروف المحيطة به .. هذا هو القانون الطبيعي.

ولكن هناك قانون يفوق الطبيعة؛ وهو قانون إرادة الله تعالى، وهو المسيطر كل السيطرة على القانون الطبيعي.

إن آفاق عالم الأمر تؤكد من جانبها على أن النار تحرق، ولكنها في الوقت ذاته تعلن أن بمقدور الله سبحانه تغيير هذه الطبيعة الحارقة، لأنه هو الموجد لها، فهي طوع أمره تكون كيفما أراد. ومثال ذلك؛ نار الطاغية نمرود التي أوقد حطبها ليحرق النبي إبراهيم عليه السلام، إنها كانت ناراً كبيرة واسعة يحترق منها الطير لمسافات شاسعة، ولكن عالم الأمر أمرها أن تكون برداً وسلاماً على النبي إبراهيم. بل إن ما لفت الأنظار الى هذا التحول المذهل والى هذا الانقلاب الحادث بأمر الله في النار، أن أحد المتملقين لنمرود أراد الالتفاف على هذه المعجزة الربانية بإيحائه لنمرود بأنه هو الذي تعطف على إبراهيم وأمر النار بأن لا تحرقه، ولكن حدث ما لم يتوقعه أو يحسب له

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست