responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 161

لم يمّس الساكنين فيها العذاب المشار إليه. فسأل النبي من ربّه سرّ ذلك، فأوحى له الله بأنّ إيمان قومه واستغفارهم واعلانهم التوبة الصادقة حالت دون تعرضهم للعذاب، وذلك أنّهم حينما تيقنوا من اقتراب العذاب هرعوا الى أحد العلماء فيهم، فأوصاهم بالإيمان بالله والخروج الى الصحراء لإعلان توبتهم النصوح في ظلّ تضرّعهم الى خالقهم.

وقد أوجز ربنا عزّ وجلّ ذكر ذلك في قوله تعالى:

(فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (يونس، 98).

وقد صدق الله العلي العظيم حينما قال بأنّ كلماته لا ولن تنفذ، وإن كان البحر مداداً والشجر أقلاماً. وقد يستغرق الحديث عن قدرة الله وقاهريته وتدّخله في مجريات الوجود ما لا يعلمه إلّا هو من وقت، فكم من واقعة مأساوية سقط فيها الأشداد من الناس، لكن طفلًا واحداً رأيناه قد أنجاه الله .. وهو عزّ وجلّ لا تزيده كثرة العطاء إلّا جوداً وكرماً.

ولكن مشكلة البشرية أنّها لا تريد أن تعي الحقائق الملموسة لها مراراً وتكراراً، أو أنّها تعي ذلك في مدّة قصيرة ولكنّها تتغافل عنها عن سابق إصرار.

فالبشرية لها المقام الأرفع بإرادة الله، وقد أراد الخالق لها أن تؤمن بهذه الإرادة الإلهية، غير أنّها تجّر نفسها الى الحضيض، فلا تؤمن بقاهرية الله تعالى، ولا تؤمن بمقامها الرفيع، فترى الغني في تكبر مطّرد على هذه الحقيقة، وترى الفقير في يأس وهروب مستمرين، إلّا من عصم ربّك. في حين كان من الطبيعي للإنسان أن يؤمن بأنّ ما آتاه الله فهو من فضله، وما حلّ به فمن نفسه، وبالتالي يأخذ كل امرئ موقعه الطبيعي دون تكبر أو يأس وهروب، فيتخلص من الأفكار السلبية والشريرة، ويعرف أنّ للغيب دوراً مؤثراً في وجوده.

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست