الأول: القول بأنّ الخليقة بطورها الى التكامل، وأنّ الله وحده هو الذي يأخذ دور المكمّل.
والشقّ الثاني: القول بأنّ الخليقة تتكامل والانسان له دور مؤثر في تكامل نفسه وبمن حوله.
وهذه النظرية قد اعتمدها الشارع المقدّس؛ وفقاً الى الاعتقاد الصحيح بأنّ الخالق قد سخّر للإنسان الطبيعة من حوله، وهذا التسخير المبارك يوجب على الإنسان التفتيش عن الإسباب والسنن الالهية في الارض ويعتمدها في مسيرته نحو التكامل.
بل لقد ذهب الإسلام الى أبعد من ذلك، فقال بأنّ كثيراً من تقلبات الأمور أو بقائها على واقعها مرهون بعبادة مخلصة من كهل من الكهول، أو خشوع شاب تائب، أو دعاء واع ... نقرأ ذلك في القرآن الكريم حيث قال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الانفال، 33) وقال أيضاً: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً) (الفرقان، 77).
فقد يكون عابد من العباد مخلص لربه تمام الإخلاص له من الكرامة ما يرحم الله بها أهل مدينة كلّهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله:
. ولكي لا نذهب بعيداً، فإن في قصّة قوم النبي يونس عليه السلام التي وقعت في مدينة الموصل العراقية خير دليل على ما نبغي تأكيده والتذكير به. فقد أوحى الله الى هذا النبي بأنّه سيعذب قومه بداعي كفرهم والحادهم، فغادر النبي يونس عليه السلام مدينته على التصديق بوحي الله، ولكنّه حينما عاد إليها بعد دهر وجد المدينة على حالها،