responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفقه الإسلامي دراسة استدلالية في فقه الخمس و أحكام الإنفاق و الإحسان المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 34

4- الإطعام على حبه

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [1].

هناك صفة هامة تُقرّب الأبرار إلى ربِّهم وتُهيِّئهم لذلك النعيم الكبير الذي أعده الرب للأبرار من عباده، ألا وهي تحمّل المسؤولية الاجتماعية تجاه الضعفاء وأهل الحاجة، بالرغم من حاجتهم الماسّة إلى الطعام، فقال ربُّنا سبحانه:

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، قيل: عَلَى حُبِّهِ أي على حبّ اللَّه، وهذا صحيح من ناحية المعنى، أمّا سياق الكلام فربما دلّ على حبّ الطعام، لأنّه أقرب إلى الضمير، ولأنّ حبّ اللَّه (ووجهه) ذكر في الآية التالية بصورة مستقلّة.

وهذا يعني أنّ المراد من حبّ الطعام هنا: أنّ الأبرار لا يطعمون الآخرين من فاضل طعامهم، بل ممّا يطعمونه أنفسهم وإلى حدّ الإيثار، بحيث يتصدّقون بما عندهم وينفقونه مع حاجة وحبّ إليه. وهذه من أرفع مراحل التضحية والعطاء، ويؤكّد ذلك أنّ الإنفاق ممّا تحبّه النفس من شروط القرآن لبلوغ درجة البر، كما قال سبحانه: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [2].

وباعتبار أن الآية تحدّثنا عن صفات الأبرار فكان من المناسب ذكر الصفة ذاتها.

وبما أن الإنفاق قد يكون بهدف الاستكبار والتعالي على الآخرين وبسط السلطة عليهم، فقد ذكَّرنا القرآن بأن لأبرار يخلصون في إنفاقهم: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللِّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، إنّ الأبرار لا يتطلّعون إلى شيء وراء إنفاقهم وخدماتهم للآخرين إلَّا رضا اللّه وثوابه، ممّا يعكس تمحّض التوحيد في أنفسهم، فلا يطالبون حتى بكلمة الشكر (شكراً، وأحسنتم) وما إلى ذلك. قال الإمام الصادق (ع):

«وَاللَّهِ مَا قَالُوا هَذَا لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ أَضْمَرُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ بِإِضْمَارِهِمْ، يَقُولُونَ: لَا نُرِيدُ جَزَاءً تُكَافِئُونَنَا بِهِ، وَلَا شُكُوراً تُثْنُونَ عَلَيْنَا بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَطْعَمْنَاكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وَطَلَبِ ثَوَابِهِ» [3]

،


[1] سورة الإنسان، آية:- ..

[2] سورة آل عمران، آية: ..

[3] بحار الأنوار، ج 35، ص 240..

اسم الکتاب : الفقه الإسلامي دراسة استدلالية في فقه الخمس و أحكام الإنفاق و الإحسان المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست