اسم الکتاب : الفقه الإسلامي دراسة استدلالية في فقه الخمس و أحكام الإنفاق و الإحسان المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 290
فيما إذا كان التكليف معلوماً ومنجّزاً عليه ثم تركه بسوء اختياره، مثل أن يعلم أنّ عليه قضاء صلوات ويعرف مقدارها ثم لم يأتِ بها متعمداً حتى نسي عددها، فيجب عليه أن يأتي بمقدار يعلم براءَة ذمته منها على هذا المبنى. ولكن من ذهب إلى البراءَة في المقام لم يقل بالتفصيل.
نعم استشكل المحقق الهمداني في المقام في إجراء أصالة البراءَة من جهة أنّه طرف علم إجمالي، وهذا العلم وإن كان ينقلب لدى التدقيق إلى علم تفصيلي وشك بدوي، ولكنّه في الظاهر يبقى علماً إجماليًّا، فيشكل الاعتماد عليه، ولكنّه لا يخلو من إشكال ظاهر باعتبار أنّ أدلة البراءَة تجري كلّما لم يعارضها أصل آخر أو علم. ومن الظاهر عدم معارضة أي واحد منهما في غير المعلوم تفصيلًا، بل الموجود الشك فقط.
القسم الثالث: المال مجهول وصاحبه معلوم
وأمّا حكم الصورة الثالثة التي يكون المقدار والمالك معاً معلومين فهو الشركة بين المالك وبينه، ويجب دفعه إليه إذا كان واحداً متعيناً، أمّا إذا كان مردّداً بين فردين، ففيه احتمالات:
1- أن يتخلَّص من دَيْن المجموع بإعطاء كل فرد كلّ المال، أو الصلح معه بأيّ وجهٍ اتفق. وذلك لظاهر مثل: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ». وإليه ذهب المحقق الهمداني ناسباً إياه إلى ظاهر المشهور [1].
2- القرعة في تعيين المالك المعلوم واقعاً، المجهول عندنا، لأنها لكل أمر مشكل، وهذا من مواردها. وهذا إن ثبت له دليل شرعي معتمد في بابه فهو، وإلَّا فمشكل. ولتحقيق بحث القرعة مقام آخر.
3- التقسيم بين الأفراد لقاعدة العدل والإنصاف المستنبطة من مثل درهمي الودعيّ، وبعض وجوه الاختلاف بين الأفراد التي يجب فيها التقسيم.
وهذه القاعدة لم يثبت سند قوي لها، ومجرّد حكم الشارع في بعض الموارد بالتقسيم لا يصلح دليلًا عليه، كما لا يخفى.