تذكرنا سورة الجمعة بفضل الله الأكبر المتمثل في رسالات الله والتي
سببت اصلاحاً شاملًا لحياة البشرية، وبالذات الذين تنزلت في محيطهم آيات الله.
فبالرسالة طهر النبي (ص) أتباعه من أرجاس الجاهلية وأغلالها، وعلمهم الكتاب
والحكمة، ورسم خطاً إصلاحياً ممتداً عبر الزمان والمكان، ولولا الرسول (ص) لكان
البشر يعود إلى جاهليته الأولى، لأن حملة الرسالة وورثة علمها (قبل بعثة الرسول)
قد خانوا مسؤولياتهم. (الآيات 1- 4).
ويتعرض السياق إلى الذين لم يتحملوا مسؤولية التوراة بعد أن حملوها
مشبهاً لهم بالحمار الذي يحمل أسفار العلم دون أن ينتفع بها في شيء، وفي ذلك
تحذير من طرف خفي للمسلمين ألّا يصبحوا مصداقاً آخر لهذا المثل. (الآية: 5).
وإذ يذكر بشيء من واقع الانحراف لدى اليهود- الذين من أبرز صفاتهم
التشبث بالمادة والحياة الدنيا وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ
النّاسِ عَلى حَياةٍ [البقرة: 96]- يعطينا مقياساً دقيقاً لمعرفة
الداعية للحق عن المدعي له، وهو إن من يحمل الرسالة ويؤمن حقاً بمحتواها لا يبالي
بالموت دفاعاً عنها. (الآيات: 6- 8).