في أربع سور قرآنية يجب السجود عند الأمر به، وهي التي تسمى
بالعزائم. وهذه السورة أولها في الترتيب، ولذلك حق أن تسمى بذلك، وقد تسمى ب-
(الم. السجدة).
لعل آية السجدة (الآية: 15) هي محور السورة، وهي تبين أعظم صفات
المؤمنين المخلصين، المتمثلة في تجلي الله لقلوبهم الزكية، حتى أنهم يخرون سجداً
لله إذا ذكّروا بآياته، وتتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم.
وتترى آيات السورة للوصول إلى هذا المحور، انطلاقاً من اسم الربوبية
لإله العالمين. فهو الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، مما يوحي بترتيبها
خلقاً بعد خلق، وطوراً بعد طور. ثم هو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، وإليه
يرجع العباد أعمالهم، وهو عالم الغيب والشهادة، يحيط علماً بالخلق، فلا يعزب عن
علمه شيء في السماوات والأرض (الآيات: 1- 6).
ويذكرنا السياق بتجليات اسم الرب في خلق الإنسان الذي بدأ خلقه من
طين، وتعاهد أمره طوراً بعد طور حتى جعله بشراً سوياً، ويتقلب في تقدير الرب
وتدبيره مادام حياً، ثم يتوفاه ملك الموت الذي وكل به من عند الرب، وحين يتحول
تراباً، وتنشر