إلى ترتيب القرآن حسب المناسبات الزمنية والمكانية، وادّعوا أن
القرآن كان متأثرًا بالزمان الذي يُنشر فيه، بل إنهم حاولوا أيضًا أن يجدوا بعض
التوافق بين آيات القرآن الكريم وأشعار الجاهلية. ولكن هذه المحاولات باءت جميعًا
بالفشل الذريع، لاسيما وأن الذين عاصروا القرآن في العصر الأول- عصر النزول- حين
وجدوا آيات القرآن، عرفوا الفرق بينه وبين الثقافات الجاهلية، حتى أنهم جمعوا
أوراق المعلقات المثبتة على جدار الكعبة ولا ذوا بالفرار ليلًا حينما نزل قوله
تعالى: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي
وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ
بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[1].
وذلك حينما أمر النبي (ص) بتعليقها على جدار الكعبة المشرفة؛ إذ
تأكَّد لهم استحالة المقايسة بين هذه الآية وبين جميع النصوص الشعرية للمعلقات
السبع، بمضامينها وبلاغتها.
بصائر وأحكام:
1- قوة الأسطورة ورصيدها عند الناس عائدة إلى توارثها، في حين أن
الحق ينبعث من الوحي، وقوتُهُ في ذاته.
2- كل مَنْ يُقارن بين مفردات الثقافة البشرية وبصائر الوحي، يجد
الفاصلة بينهما غير متناهية.