responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غایة المأمول من علم الأصول المؤلف : الجواهري، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 682
ينسبون الجهل إلى اللّه و هم برآء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف عليه السّلام و لكنّها شنشنة أعرفها من أحزم.و قد ذكروا في باب الجبر في أفعال البشر الذي أصرّ عليه أبناء العامّة أنّ اللّه إمّا أن يعلم أنّ زيدا يشرب الخمر أو لا،لا سبيل إلى الثاني لاستلزامه الجهل،و إذا كان يعلم فلابدّ من وقوعه لئلاّ يتخلّف المعلوم عن العلم.
و قد ذكرنا نحن في مبحث الجبر بأنّ علم اللّه تعالى لا يوجب جبر البشر على فعل شي‌ء،بل هو نظير ارتسام الصور في المرآة معلول للوجود لا أنّه علّة لها،فعلمه لا يوجب صدور الفعل لا عن إرادة و اختيار من العبد نفسه،بل لابدّ من تحقّقهما في الخارج عن إرادة و اختيار؛لأنّه تعلّق علم اللّه بهما كذلك،و حينئذ فتعلّق العلم و عدمه لا يوجب صدور الفعل.بل كما أنّ وجود المرآة لا يوجب صدور الفعل المرتسم بها في الخارج،بل هو يصدر في الخارج كانت مرآة أم لم تكن،كذلك علم اللّه تعالى.و هذا العلم كما أنّه متحقّق بالنسبة إلى أعمال البشر كذلك متحقّق بالنسبة إلى أفعاله نفسه تبارك و تعالى إلاّ أنّ هذا العلم أيضا لا يقتضي صدور أفعاله مقهورا عليها،كما أنّ علم الإنسان بأنّه ينام في هذه الليلة لا يوجب أن يكون نومه قهريّا عليه بحيث يخرج عن إرادته و اختياره.و الظاهر أنّ هذا واضح لا غبار و لا سترة عليه لمن تأمّل.
ثمّ إنّ المعلوم هو كلّ شي‌ء حقيقي كان الخارج ظرفا له نفسه فيشمل الملازمات أيضا و لا يختصّ بما كان الخارج ظرفا لوجوده بل يشمل الملازمات التي قد لا توجد لعدم وجود طرفيها و مثل حكمنا بإمكان وجود زيد فإن إمكانه كاستحالة اجتماع النقيضين أمر حقيقي يكون الخارج ظرفا له.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ اللّه تعالى له علم مكنون مخزون استأثر به فلا يطلع عليه أحد لا نبي مرسل و لا ملك مقرب؛لأنّهم مهما بلغوا من الشرف لا يحيطون به علما و أنّ شرفهم عليهم السّلام إنّما هو بالنسبة إلى المخلوقات لا بالنسبة إلى الخالق تعالى و تقدّس كيف يحيطون به و هو خالقهم و مكوّنهم و لعلّه هو المسمّى بأمّ الكتاب.
اسم الکتاب : غایة المأمول من علم الأصول المؤلف : الجواهري، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 682
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست