و أمّا النقلي فقد استدلّ على لزوم الفحص عن الحكم قبل الرجوع إلى الاصول العمليّة بآية { فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاََ تَعْلَمُونَ } [1]و بما ورد من لزوم تعلّم الأحكام مثل قوله عليه السّلام:طلب العلم فريضة على كلّ مؤمن و مؤمنة[2]،و مثل ما ورد من أنّه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له:لم لا عملت؟فيقول:ما علمت،فيقال:لم لا تعلّمت[3]و غيرها من الأخبار الدالّة على وجوب تعلّم الأحكام الشرعيّة[4]، فإنّه لو رجع إلى الأصل العملي في هذه الموارد خالف آية السؤال و ترك تعلّم الحكم[5].
و هذان الدليلان بعينهما يدلاّن على وجوب الفحص عن المخصّص قبل العمل بعموم
العامّ بمقدّمة هي أنّه جرى ديدن الشارع المقدّس تبليغ أحكامه تدريجا بنحو
يذكر العموم في الكتاب الكريم و يكون مخصّصه مذكورا بعد مئتي سنة من
العسكري عليه السّلام،و كذا يذكر العموم على لسان الباقر عليه السّلام و
يأتي التخصيص من الرضا عليه السّلام أو الجواد عليه السّلام.فقد استقرّ
ديدنهم على هذا،و حينئذ فبمجرّد ورود العموم لا يمكن العمل به مع استقرار
سيرتهم على ما ذكرنا.فلو عمل بالعموم لزم نقض الغرض،و ترك السؤال من أهل
الذكر الذي هو كناية عن التفحّص في أقوالهم،و كذا ترك طلب العلم بالحكم
الشرعي الذي هو مقدّمة للعمل،فهذه الأدلّة تدلّ على لزوم الفحص عن المخصّص
للعموم قبل العمل بعموم العامّ.