واجبا
حينئذ لعدم قصد التوصّل به،و لا ريب في استغراب كون الدخول في ملك الغير
مباحا مع عدم قصد الإنقاذ و كونه مخالفا لمقتضى الوجدان،و هذا هو الذي دعا
صاحب الفصول[1]إلى اعتبار
الإيصال في وجوب المقدّمة و ادّعى عليه الضرورة، كما ادّعى الشيخ الأنصاري
إلى اعتبار قصد التوصّل و لا ريب أنّ قصد التوصّل معتبر في الثواب لا في
الوجوب،و المعتبر في وقوع المقدّمة على صفة الوجوب إنّما هو الوصول الخارجي
كما اعتبره صاحب الفصول قدّس سرّه و ادّعى عليه الضرورة فإنّ الظاهر أنّ
الحقّ معه و أنّ المقدّمة إنّما تقع على صفة الوجوب حيث يترتّب عليها ذو
المقدّمة.
في اعتبار الوصول في وجوب المقدّمة و عدمه:
و قد ذهب صاحب الفصول قدّس سرّه إلى أنّ المقدّمة إنّما تتّصف بالوجوب إذا
ترتّب عليها ذو المقدّمة،و الظاهر صحّة مدّعاه،و لنذكر مثالا تمهيدا للخوض
في كلامه و ما اورد عليه من الإيرادات:مثلا من سقط إحدى محارمه في البحر و
كان نجاتها موقوفا على مسّ الأجنبيّ لجسمها أو لشعرها،فهل تراه يرضى أن
يمسّها الأجنبيّ مسّا لا يخرجها به متعمّدا بل يمسّها لأمر آخر،بدعوى:أنّ
المسّ مقدّمة لواجب أهمّ فقد ارتفع تحريمه الشرعي،فهو جائز فيمسّها و لا
يخرجها؟كلاّ،بل لا يرضى بذلك و يبغضه أشدّ البغض.و كذا الرجل يعطي لولده
الدراهم ليشتري القرطاس و القلم ليكتب،فهو يشتري القرطاس و القلم ثمّ
يرميهما في البحر،فهل ترى أنّ الأب يرضى بهذا الشراء و يشتاق إليه؟كلاّ ثمّ
كلاّ،و أمثلة ذلك كثيرة جدّا لمن تأمّلها.
فالإنصاف أنّ الحقّ مع صاحب الفصول حيث ادّعى بداهة اعتبار الإيصال الحقيقي في وقوعها على صفة الوجوب لو تأمّل المتأمّل.