(و أمّا ما ذكره مؤيّدا من عدم التناهي في المعاني فهو صحيح إلاّ أنّ الواضع لا يلزمه أن يضع لجميع المعاني،بل يضع بمقدار حاجته.
و أمّا عدم ذكره في التاريخ فإنّما هو لكون الوضع تدريجيّا فيضع آدم مثلا
بمقدار حاجته ثمّ ولده بمقدار الحاجة المتجدّدة و هكذا؛و لذا لم يذكر واضع
لكثرة الواضعين بحيث لا يمكن ذكرهم و لا مقتضى له لسهولة الوضع)[1].
و بالجملة،فالظاهر ما ذكرنا من كون الوضع هو البناء و الالتزام و التعهد
أنّه متى أراد المعنى الفلاني يتلفّظ باللفظ الفلاني،و إنّما أطلنا الكلام
في هذا المقام مع أنّا بنينا على الاختصار في هذه المباحث التي لا يترتّب
عليها كثير فائدة لأمرين:
أحدهما:ما سيأتي من عدم جواز استعمال المشترك في معنيين بإطلاق واحد، بدعوى
كون اللفظ ملحوظا فانيا في المعنى فناء الوجه في ذي الوجه و العنوان في
المعنون،فكيف يصحّ استعماله في معنيين؟إلاّ أن يكون اللاحظ أحول العينين
كما في الكفاية[2].
فقد ظهر صحّة الاستعمال؛إذ لا مانع من أن يبني أنّه متى تلفّظ بهذا اللفظ
فهو يريد كلا هذين المعنيين كلاّ على حدة،كما يلتزم الواضع للعلم كونه
علامة لانتهاء الفرسخ و كون الطريق من هاهنا.
نعم،سيأتي أنّ هذا خلاف الظاهر من المتعهد و الملتزم فلا يصار إليه بغير
قرينة، و هذا مانع إثباتي لا ثبوتي كما ادّعاه الآخوند قدّس سرّه[3].
و ثانيهما:كون المعاني التي قد وضعت لها الألفاظ هي إرادة تفهيم هذه
المعاني دون نفس المعاني،و دلالة اللفظ على معناه إنّما هي دلالة أنسية لا
ربط لها بالوضع.