responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التمهید فی علوم القرآن المؤلف : المعرفت، الشیخ محمد هادی    الجزء : 1  صفحة : 41

الحاضرة، آلات البدن ما دام قید هذا الجسد، فکلّما کان البدن أکمل و أنشط کان العمل به ایسر و أتمّ.

3- الإنسان و ظاهرة الإدراک:

الإنسان فی داخل وجوده ذو طاقة جبّارة، تختلف تماما عن قواه الجسدیّة المحدودة. إنّه فی جانب عقلیّته یذهب الی أبعاد شاسعة لا نهایة لها، و یتحلّق فی أجواء لا أمد لها، کما و ینطلق الی ما وراء المادّة و الی آفاق واسعة، انطلاقة لا وقفة لها عند حدّ.
إنّه یدرک، و ظاهرة الإدراک ذاته ظاهرة غیر مادیّة، إذ لا یوجد فیها أیّ خاصیّة من خواصّ المادّة إطلاقا، إنّها لا تقبل انقساما الی أبعاد ثلاثة. و لا تحمل ثقلا و لا هی محدودة بالجهات.
إنّه یدرک، و قسم من مدرکاته تفوق حدود المادّة فی جمیع أبعادها و ممیّزاتها بصورة مطلقة: إنّه یدرک معانی کلیّة لیست تتحقّق خارجیا البتة. إنّه یفهم ملازمات عقلیّة، و الملازمة ذاتها لا وجود لها سوی طرفیها اللازم و الملزوم. إنّه یعلم بأمور غائبة عن الحسّ. و یفکّر فی شئون ما وراء الإحساس.
و بکلمة جامعة: الإنسان یعرف، و المعرفة فی کیان الإنسان ظاهرة غیر مادیّة، فی حین أنّ اللامادیّ لا یقوم بمادیّ، فأین محلّها من وجود الإنسان؟
و نتیجة علی ذلک نعترف- بالضرورة من بدیهة العقل- أنّ وراء وجود هذا الإنسان الجسدی الظاهر، وجودا آخر لا مادّی، هو «النفس» الذی تقوم به ظاهرة الإدراک، و مجال النفس أوسع من المادّة بنسبة فائقة.
و توضیحا لهذا الجانب النفسی من ظاهرة الإدراک نقول:
قد تنعکس فی ذهنیة الإنسان- عند ما یواجه منظرا طبیعیا- صورة منطبقة مع الواقع تمام الانطباق فی جمیع أبعادها و سماتها، من حرکة و لون و زهور و أشجار، و جبال و أنهار، و أبعاد و أغوار. و تتجلّی هذه الصورة بنفس الأبعاد و السمات

اسم الکتاب : التمهید فی علوم القرآن المؤلف : المعرفت، الشیخ محمد هادی    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست