responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التمهید فی علوم القرآن المؤلف : المعرفت، الشیخ محمد هادی    الجزء : 1  صفحة : 42

کلّما تذکّرها، فیجدها حاضرة نفسه علی مقاییسها الأولی .. تلک ظاهرة التذکّر، فیا تری أین محلّها الذی تقوم به؟
و ثانیة نقول: الإنسان یجد صورة المنظر کلّما تذکّرها بنفس الأبعاد و المقاییس و الحرکات و الألوان، کأنّه یشاهدها الآن، صورة طبق الواقع تماما، إنّ هذه الصفحة التی تقع علیها هذه الصورة، و تسمّی بصفحة الذهن صفحة ذات أبعاد توازی نفس أبعاد المنظر، حسبما یجدها الإنسان حاضرة نفسه الآن.
أین تقع هذه الصفحة المتّسعة، من وجود الإنسان؟
إنّ جزیئات المخ، تنطبع علیها صور المحسوسات، لکنها فی غایة الصغر.
لا تتناسب و الأبعاد التی یجدها الإنسان عند التذکّر.
إنّنا لا ننکر وجود جزیئات مخیّة تحتفظ فی نفسها صور المشاهدات، لکن ذلک وحده لیس إدراکا و لا تذکّرا لأنّ هذه الصّور موجودة، و هی مستمرّة فی وجودها حتی مع الغفلة، و تتجلّی مع التذکّر و عند التفات النفس. و هو إدراک متجدّد للصورة بعد أن کان إدراکا لذات الصورة.
لعلّک تقول، إنّ تلک الصّور المنطبعة علی جزیئات المخّ قد تبدو للنفس و قد تخفی و بهذا تعلّل ظاهرتی «التذکّر» و «الغفلة»! لکنّا نتساءل: إذا کانت هذه الصّور تبدو و تخفی، فتجاه أیّ شی‌ء تبدو، و عن أیّ شی‌ء تخفی؟ و هذه المقابلة بین أیّ شی‌ء و شی‌ء؟
و بعبارة اخری: إنّ هذه الصّور تتجلّی. لکنها لمن تتجلّی؟ و من المواجه له؟ لا شک أنّ المواجهة امر قائم بجانبین، فإذا کانت الصّور المنطبعة تشکّل جانبا من هذه المواجهة، فأین الجانب الآخر المواجه له؟ نعم إنّ الصّور المنطبعة علی جزیئات المخّ تتجلّی أمام النفس، فالنفس شی‌ء، و هذه الجزیئات شی‌ء آخر فالنفس و هو وجود الإنسان الباطن هو الذی یشکّل الجانب الآخر من هذه المواجهة النفسیّة، و النفس هی التی تدرک تلکم الصّور متی تذکّرتها، و هو إدراک متجدّد و إن شئت فسمّه التذکّر.
اسم الکتاب : التمهید فی علوم القرآن المؤلف : المعرفت، الشیخ محمد هادی    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست