اعلم أن الإنابة هو الرجوع عن کل شیء مما سوی اللّه، و الإقبال علی
اللّه- تعالی- بالسر و القول و الفعل، حتی یکون دائما فی فکره و ذکره و
طاعته، فهو غایة درجات التوبة و أقصی مراتبها، اذ التوبة هو الرجوع عن
الذنب إلی اللّه. و الإنابة هو الرجوع عن المباحات أیضا إلیه- سبحانه-، فهو
من المقامات العالیة و المنازل السامیة. قال اللّه- سبحانه-: وَ أَنیبُوا إلی رَبِّکُمْ وَ أسْلِمُوا لَهُ [1]. و قال- سبحانه-: وَ مَا یَتَذَکَّرُ إلاَّ مَنْ یُنیب [2]. و قال: وَ
أُزْلِفتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقینَ غَیْرَ بَعیدٍ، هذا ما تُوعَدُونَ
لِکُلِّ أوّابٍ حَفیظٍ، مَنْ خَشِیَ الرَّحمنَ بِالغَیْبِ وَ جاءَ بقَلْبٍ
مُنیبٍ، أُدْخلوها بِسَلام ذلِکَ یَوْمُ الخُلودِ، لَهُمْ ما یَشاؤنَ فیها
وَ لَدَیْنا مزید [3]. و انابة العبد تتم بثلاثة أمور: الأول- أن یتوجه إلیه بشراشر باطنه حتی یستغرق قلبه فی فکره. الثانی- ألا یکون خالیا عن ذکره و ذکر نعمه و مواهبه و ذکر أهل حبه و تقربه. الثالث- أن یواظب علی طاعاته و عباداته مع خلوص النیة.