responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 84

الحین بعد الحین. و کل ذلک شاهد صدق علی ان هذا القدر من الذنوب لا ینقض التوبة و لا یلحق صاحبه بدرجة المصرین، و من یؤیس مثل هذا عن النجاة و وصوله إلی درجة التائبین فهو ناقص، و مثله مثل الطبیب الذی یؤیس الصحیح من دوام الصحة بما یتناوله من الفواکه مرة أو مرتین، و مثل الفقیه الذی یؤیس المتفقه عن نیل درجة الفقهاء بفتوره عن التکرار فی أوقات نادرة. و لا ریب فی نقصانه، فالعالم حق العالم هو الذی لا یؤیس الخلق من درجات السعادات بما یتفق لهم من الفترات و مقارفة السیئات المختطفات، إذ أمثال الفترات و ما یصدر عن السهو و الغفلات لا یفسد النفس و لا یبطلها بحیث لا یقبل الإصلاح، أو یتوب و یستمر علی الاستقامة مدة ثم تغلبه الشهوة فی بعض الذنوب، فیقدم علیه عمدا و قصدا، لعجزه عن قهر الشهوة و قمعها، إلا أنه مع ذلک مواظب علی الطاعات، و تارک لأکثر الذنوب مع القدرة و الشهوة، و إنما قهره بعض الشهوات بحیث یغفل عند هیجانها و یرتکب مقتضاها من دون مجاهدة و ندامة، و عند قضاء هذه الشهوة و الفراغ عنها یتندم، و یقول سأتوب عنها، لکنه یسول نفسه و یسوف توبته یوما بعد یوم، و النفس التی هذه درجتها هی التی تسمی النفس المسولة المسئول صاحبها، و إلیها الإشارة بقوله- تعالی-:
وَ آخَرونَ اعْتَرَفُوا بِذُنوبِهِمْ خَلَطوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً [1].
فنجاتها من حیث مواظبته علی الطاعات و کراهته لما یتعاطاه مرجو، فعسی اللّه أن یتوب علیها، و لکن یخاف علیها من حیث تسویفها و تأخیرها،
(1) التوبة، الآیة: 103.
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست