من القرب و الرتبة لازم
لهم، مستمر علی حالة واحدة، لا تزید و لا تنقص، و لیس لهم مرتبة الترقی من
درجة إلی أخری، و باب المزید مسدود علیهم، و لذلک قالوا: «و ما منا إلا له
مقام معلوم»، بخلاف الإنسان، فان له الترقی فی الدرجات، و التقلب فی اطوار
الکمالات، و مفتاح مزید الدرجات هی الصلاة، قال اللّه سبحانه: «قد افلح
المؤمنون الذین هم فی صلاتهم خاشعون»، فمدحهم بعد الایمان بصلاة مخصوصة، و
هی المقرونة بالخشوع، ثم ختم اوصاف المفلحین بالصلاة أیضا، فقال فی آخرها: وَ
الَّذینَ هُمْ عَلی صَلَواتِهِمْ یُحافِظُونَ، ثم قال فی ثمرة تلک الصفات:
أُولئکَ هُمُ الوارِثونَ، الَّذینَ یَرِثونَ الفِردَوس هُمْ فیها خالِدونَ
[1]. فوصفهم بالفلاح أولا، و بوراثة الفردوس آخرا. فالمصلون هم ورثة
الفردوس، و ورثة الفردوس هم المشاهدون لنور اللّه بقربه و دنوه بالقلب. و کل عاقل یعلم ان مجرد حرکة اللسان و الجوارح، مع غفلة القلب، لا تنتهی درجته إلی هذا الحد.
فصل (ما ینبغی فی إمام الجماعة)
ینبغی لامام الجماعة: ان یختص من بین القوم بمزید صفاء القلب، و إقباله
إلی اللّه، و الخشوع و التعظیم، و غیر ذلک من الشرائط الباطنة، لانه القدوة
و الجاذب لنفوس الجماعة إلی اللّه، فما اقبح به ان یکون قلبه