احبط عمله و اضاع ثوابه. و
(منهم) من یجمع مالا من غیر حله، و لا یبالی باخذ المال من أی طریق کان،
ثم یمسکه غایة الإمساک، إلا انه لا یبالی بصرف بعضه فی طریق الحج، إما
لنفسه فقط، أو لأولاده و ازواجه أیضا، اما للاشتهار، او لما وصل إلیه: ان
تارک الحج یبتلی بالفقر. و (منهم) من غلب علیه البخل، فلا تسمح نفسه
بانفاق شیء من ماله فیشتغل بالعبادة البدنیة من الصوم و الصلاة، ظنا منه
ان ذلک یکفی لنجاته، و لم یدر ان البخل صفة مهلکة لا بد من ازالتها، و
علاجه! بذل المال دون العبادات البدنیة. و مثله مثل من دخلت فی ثوبه حیة، و
قد أشرف علی الهلاک، و هو مشغول بطبخ السکنجبین لیسکن الصفراء، و غافل بأن
الحیة تقتله الآن، و من قتلته الحیة فأی حاجة له إلی السکجبین؟
وصل (ضد الغرور الفطانة و العلم و الزهد)
قد عرفت ان الغرور مرکب من الجهل و حب مقتضیات الشهوة و الغضب، فضده
الفطانة و العلم و الزهد، فمن کان فطنا کیسا عارفا بربه و نفسه و بالاخرة و
الدنیا، و عالما بکیفیة سلوک الطریق إلی اللّه و بما یقربه إلیه و بما
یبعده عنه، و عالما بآفات الطریق و عقباته و غوائله، لاجتنب عن الغرور و لم
یغره الشیطان فی شیء من الأمور، إذ من عرف نفسه بالذل و العبودیة و بکونه
غریبا فی هذا العالم اجنبیا من هذه الشهوات البهیمیة، عرف کون هذه الشهوات
مضرة له و ان الموافق له طبعا هو معرفة اللّه و النظر إلی وجهه فلا یسکن
نفسه إلی شهوات الدنیا، و من عرف ربه و عرف الدنیا و الآخرة و لذاتهما و
عدم النسبة بینهما ثار فی قلبه حب اللّه و الرغبة إلی دار الآخرة