و
الانزجار عن الدنیا و لذاتها، و إذا غلبت هذه الارادة علی قلبه صحت نیته
فی الأمور کلها، فان أکل- مثلا- او اشتغل بقضاء الحاجة کان قصده منه
الاستعانة علی سلوک طریق الآخرة، و اندفع عنه کل غرور منشأه تجاذب الأغراض و
النزوع إلی الدنیا و إلی الجاه و المال، و ما دامت الدنیا أحب الیه من
الآخرة و هوی نفسه أحب إلیه من رضاء اللّه، لم یمکنه الخلاص من الغرور.
فالاصل فی علاج الغرور: ان یفرغ القلب من حب الدنیا، و یغلب علیه حب اللّه،
حتی تتقوی به الارادة و تصح به النیة و یندفع عنه الغرور. قال الصادق (ع):
«و اعلم انک لن تخرج من ظلمات الغرور و التمنی الا بصدق الإنابة إلی
اللّه، و الاخبات له، و معرفة عیوب أحوالک من حیث لا یوافق العقل و العلم، و
لا یحتمله الدین و الشریعة و سنن القدوة و أئمة الهدی، و ان کنت راضیا بما
أنت فیه فما أحد اشقی بعملک منک و اضیع عمرا، فاورثت حسرة یوم القیامة»
[1].
و منها: طول الأمل
اشارة
معنی طول الأمل و مرجعه- علاجه- ضده قصر الأمل- اختلاف الناس فی طول
الأمل- ذکر الموت مقصر للامل- التعجب ممن ینسی الموت- الموت أعظم الدواهی-
مراتب الناس فی ذکر الموت. و هو أن یقدر و یعتقد بقاءه إلی مدة متمادیة،
مع رغبته فی جمیع توابع البقاء: من المال و الأهل و الدار و غیر ذلک، و هو
من رذائل قوتی العاقلة و الشهوة، إذ الاعتقاد المذکور راجع إلی الجهل
المتعلق بالعاقلة، و حبه