الثالثة- تطهیر القلب من مساوی الأخلاق و رذائلها. الرابعة-
تطهیر السر عما سوی اللّه- تعالی-، و هی تطهیر الأنبیاء و الصدیقین. و
الطهارة فی کل مرتبة نصف العمل الذی فیها، إذ الغایة القصوی فی عمل السر أن
ینکشف له جلال اللّه و عظمته، و تحصل له المعرفة التامة، و الحب و الانس. و
لا یمکن حصول ذلک ما لم یرتحل عنه ما سوی اللّه، و لذلک قال اللّه-
تعالی-: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ [1]. فان اللّه و غیره لا یجتمعان
فی قلب واحد: وَ ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُل مِنْ قلبینِ فی جَوفِهِ [2]. فتطهیر
السر عما سوی اللّه نصف عمله، و النصف الآخر شروق نور الحق فیه. و الغایة
القصوی فی عمل القلب عمارته بالا خلاق المحمودة، و العقائد الحقة المشروعة.
و لا یتصف بها ما لم ینظف عن نقائضها، من الأخلاق المذمومة، و العقائد
الفاسدة. فتطهیرها عنها أحد الشطرین، و الشطر الآخر تحلیته بالفضائل و
العقائد الحقة. و أما عمل الجوارح، فالمقصود منه عمارتها بالطاعات. و لا
یمکن ذلک ما لم یطهر عن المعاصی و المناهی. فهذا التطهیر نصف عملها، و
نصفه الآخر عمارتها بالطاعات. و قس علی ذلک الحال فی المرتبة الأولی. و إلی
ذلک الإشارة بقول النبی (ص): «الطهور نصف الایمان». فان المراد: أن تطهیر
الظاهر، و الجوارح، و القلب، و السر، من النجاسات و المعاصی(1) الانعام، الآیة: 91. (2) الأحزاب، الآیة: 4.