جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 304

الصبر عن الغفلة و النوم، و النظر إلی ما تمیل إلیه النفس من النظر إلی غیر المحارم و أمثال ذلک.
فان قیل: استلزام کل من الصبر و الشکر للاخر مما لا ریب فیه، إلا أن الکلام فی أنه إذا لم یتحقق الاتحاد بینهما فی فعل، کما فی فعل الطاعة و ترک المعصیة لکونهما متحدین فیهما، بل تحقق الاستلزام الموجب لتحقق جهتین، فأی الجهتین أفضل؟ مثل أن یبتلی أحد بمصیبة دنیویة، فصبر علیها، بمعنی أنه عرف أنها من اللّه و حبس نفسه عن الجزع و الاضطراب، و شکر علیها أیضا، بمعنی أنه عرف أن النعم اللازمة لها من الثواب الأخروی و غیرها من اللّه، و فرح بها، و عمل بمقتضی فرحه من التحمید أو طاعة أخری، فهل الأفضل حینئذ جهة الصبر، أو جهة الشکر؟
قلنا: التأمل یعطی: أن کل صبر هو شکر بعینه، و بالعکس. فلا تتحقق بینهما جهتان مختلفتان حتی یتصور الترجیح بینهما. فان الصبر علی البلاء إنما هو حبس النفس عن الجزع تعظیما للّه. و هذا هو الشکر، إذ کل طاعة للّه- سبحانه- شکر، و فی الشکر علی النعم المطلقة منع النفس عن الکفران، و هو عین الصبر عن المعصیة.
فان قلت: فعلی هذا، یجتمع الصبر و الشکر فی محل واحد بجهة واحدة، و قد تقدم انهما متضادان، اذ الصبر یستدعی ألما، و الشکر یستدعی فرحا، و قد ذکرت ان اجتماع الصبر و الشکر فی محل واحد انما یکون من جهتین متغایرتین لا من جهة واحدة.
قلنا: امتناع الاتحاد فیهما انما هو فی الصبر و الشکر علی ما هو کان نعمة و بلاء بعینه، فانه لا یمکن ان یکون الصبر علی فوت ولد- اعنی حبس النفس عن الجزع- هو عین الشکر علی النعمة، اذ موت الولد بعینه لیس

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 304

صيغة PDF

شهادة

الفهرست