جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 303

أن الشدائد و المصائب الدنیویة تتضمن نعما، فالصبر علی هذه الشدائد یستلزم الشکر علی تلک النعم، و لأن الصبر علی المصائب هو حبس النفس عن الجزع تعظیما للّه- سبحانه-. و هذا هو الشکر بعینه، لانه تعظیم للّه یمنع عن العصیان، و الشاکر یمنع نفسه عن الکفران مع میل النفس إلیه، و هذا هو عین الصبر عن المعصیة. و أیضا، توفیق الصبر و العصمة من الجزع نعمة یشکر علیها الصابر، فکل صبر یستلزم الشکر، و بالعکس.
و بالجملة: لا ریب فی استلزام کل من الصبر و الشکر للاخر، فان اجتماعهما فی الطاعة و ترک المعصیة، بل اتحادهما فیهما، امر ظاهر، کما تقدم.
و فی البلاء المقید الدنیوی، اذا حصل فیه الصبر، فلا ریب فی عدم انفکاکه عن تصور النعم اللازمة له، من الثواب الاخروی، و حصول الانزعاج عن الدنیا و الرغبة إلی الآخرة، فیشکر علی ذلک. فهو لا ینفک عن الشکر، لانه یعرف هذه النعم من اللّه، کما یعرف البلاء أیضا من اللّه، فیفرح بالنعم، و یعمل بمقتضی فرحه من التحمید و غیره. و فی النعمة المقیدة، مثل المال، إذا توسل به إلی تحصیل الدین، فلا ریب فی أنه کما تحقق فیه الکر تحقق فیه الصبر أیضا. إذ فی إنفاق المال و بذله فی تحصیل الدین حبس النفس عما تحبه و تمیل إلیه، و ثبات باعث الدین فی مقابلة باعث الهوی. و فی البلاء المطلق، کالکفر و الجهل، لا معنی لتحقق الشکر أو الصبر فیه، و فی النعمة المطلقة، کسعادة الآخرة و العلم و حسن الأخلاق، کما یتحقق فیها الشکر یتحقق فیها الصبر أیضا. إذ تحصیل السعادة، و العلم، و الأخلاق الفاضلة، و الابقاء علیها، لا ینفک عن مقاومته مع الهوی و منع النفس عما تمیل إلیه. مع ان الشکر علیهما یستلزم منع النفس عن الکفران، و هو الصبر علی المعصیة. حتی أن شکر العینین بالنظر إلی عجائب صنع اللّه یستلزم

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 303

صيغة PDF

شهادة

الفهرست