responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 263

کل منها إلی آلات کثیرة. ثم انظر کیف ألف اللّه- سبحانه- بین قلوب هؤلاء الصناع المصلحین، و سلط علیهم الانس و المحبة، حتی ائتلفوا و اجتمعوا و بنوا المدن و البلاد، و رتبوا المساکن و الدور متجاورة متقاربة، و بنوا الأسواق و الخانات و سائر أصناف البقاع، و لو تفرقت آراؤهم، و تنافرت طباعهم تنافر طباع الوحوش، لتبددوا و تباعدوا، و لم ینتفع بعضهم ببعض، ثم لما کان فی جبلة الإنسان الغیظ و العداوة، و الحسد و المنافسة، و الانحراف عن الحق، و ربما زالت المحبة بین البعض لاعراض، فیزدحمون علیها، و یتنافسون فیها، و ربما أدی إلی التنافر و التقابل. فبعث اللّه الأنبیاء بالشرائع و القوانین لیرجعوا إلیها عند التنازع، فیرتفع نزاعهم.
ثم بعث العلماء الذین هم ورثة الأنبیاء لحفظ هذه الشرائع و العلم بها. و بعث اللّه السلاطین حتی یقیموا الناس قهرا علیها لو أرادوا التخلف عنها، فسلط اللّه السلاطین أولی القوة و العدة علی الناس، و ألقی رعبهم فی قلوبهم، و الهمهم إصلاح العباد، بأن رتبوا الرؤساء و القضاة و الحکام و السجن و الأسواق، و اضطروا الخلق إلی قانون الشرع و العدل، و ألزموهم التآلف و التعاون، و منعوهم عن التفرق و التباغض. فاصلاح الرعایا و الصناع بالسلاطین، و إصلاح السلاطین بالعلماء، و إصلاح العلماء بالانبیاء، و إصلاح الأنبیاء بالملائکة، و إصلاح الملائکة بعضهم ببعض، الی ان ینتهی إلی حضرة الربوبیة، التی هی ینبوع کل نظام، و مطلع کل حسن و جمال، و منشأ کل ترتیب و تألیف. و قد ظهر مما ذکر: أن من فتش یعلم: ان رغیفا واحدا لا یستدیر بحیث یصلح للاکل ما لم یعمل علیه آلاف الوف من الملائکة و صناع الانس.
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست