و
الأئمة، و کانوا علی أعلی مقامات الرضا، و تظاهرت الآیات و تواترت الأخبار
فی الأمر بالدعاء و فوائده و عظم مدحه، و اثنی اللّه- سبحانه- علی عباده
الداعین، حیث قال: وز یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً [1]. و قال: ادْعُونی أسْتَجِبْ لَکُمْ [2]. و قال: أُجیبُ دَعْوَة الدّاعِ إِذا دَعانِ [3]. و
هو یوجب صفاء الباطن، و خشوع القلب، و رقة النظر، و تنور النفس و تجلیها. و
قد جعله اللّه- تعالی- مفتاحا للکشف، و سببا لتواتر مزایا اللطف و
الإحسان. و هو أقوی الأسباب لافاضة الخیرات و البرکات من المبادی العالیة. فان
قیل: ما یرد علی العبد من المکاره و البلایا یکون بقضاء اللّه و قدره، و
الآیات و الأخبار ناطقة بالرضا بقضاء اللّه مطلقا، فالتشمر لرده بالدعاء
یناقض الرضا. قلنا: إن اللّه- سبحانه- بعظیم حکمته، أوجد ال. شیاء علی
التسبیب و الترتیب بینهما، فربط المسببات بالأسباب، و رتب بعضها علی بعض، و
جعل بعضها سببا و واسطة لبعض آخر، و هو مسبب الأسباب. و القدر عبارة عن
حصول الموجودات فی الخارج من أسبابها المعینة بحسب اوقاتها، مطابقة لما فی
القضاء، و القضاء عبارة عن ثبوت صور جمیع الأشیاء فی العالم العقلی علی
الوجه الکلی. مطابقة لما فی العنایة الإلهیة المسماة بالعنایة الأولی،(1) الأنبیاء، الآیة: 90. (2) المؤمن، الآیة: 60. (3) البقرة، الآیة: 186.