جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 20

حقه، و ربما کان بحیث لا یبالی من أخذ مالهم و أکل طعامهم خفیة، و لو علم انه یطلع علیه واحد من صویلح العامة المعتقدین به، امتنع منه غایة الامتناع. و ربما کان بعضهم فی الباطن مائلا إلی الدخول علی السلاطین و الأمراء و تارکا له فی الظاهر، و کان الباعث فی ذلک طلب المنزلة فی قلوب العامة. و مع ذلک یظن أن الاجتناب عنهم عین ورعه و تقواه. و ربما کان بعضهم إمام قوم یظن أنه علی خیر و باعث لترویج الدین و اعلاء الکلمة و مقیم بشعار الإسلام، و مع ذلک لو أم غیره ممن هو أعلم و اورع منه فی مسجده، أو یتخلف بعض من یقتدی به عن الاقتداء به، قامت علیه القیامة، و ربما لم یکن باعثه علی الحرکة إلی المسجد للامامة مجرد التقرب و الامتثال لأمر اللّه، بل کان الباعث محض حب الجاه و الریاسة و اعتقاد العامة، أو مرکبا منه و من نیة الثواب و ربما اتخذ بعضهم الإمامة شغلا و وسیلة لأمر المعاش، و مع ذلک یظن انه مشتغل بامر الخیر، و الظاهر فی أمثال زماننا ندور الامام الذی کان قصده من الإمامة مجرد التقرب إلی اللّه. من دون وجود شی‌ء من حب طلب المنزلة فی القلوب، أو تحصیل المال، أو دفع بعض الشرور عن نفسه فی زوایا قلبه، و لو وجد مثله فهو القدوة الذی یجب ان تشد الرحال من المواضع البعیدة الیه لیقتدی به، و مثله کلما وجد فی نفسه قصد التقرب و الثواب فی الذهاب إلی المسجد للامامة ذهب، و لو لم یجد ذلک من نفسه تخلف، و صلی منفردا، و هو الذی یستوی عنده اقتداء الناس به و عدمه، و یستوی عنده کثرة المقتدین و قلتهم، بل یکون حاله عند صلاته و هو إمام لجم غفیر کحاله عند صلاته منفردا، من دون أن یجد فی نفسه تفاوتا فی الحالین.
و بالجملة: اصناف غرور أهل العلم- (لا) سیما فی هذه الاعصار- کثیرة، و المتأمل یعلم أن الغرور أو التلبیس أو غیرهما من ذمائم الأفعال انتهی فی

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 20

صيغة PDF

شهادة

الفهرست