جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 19

ففرحی إنما هو بثواب اللّه لا بقبول الخلق، هذا ما یظن بنفسه، و اللّه مطلع علی سریرته، إذ ربما کان باطنه فی الخباثة بحیث لو علم قطعا بأن ثوابه فی الخمول و إخفاء العلم و العمل أکثر من ثوابه فی الإظهار، لاحتمال مع ذلک فی إظهار رئاسة، من تدریس أو وعظ أو امامة أو غیر ذلک. و إذا کان بحیث یدخل علی السلاطین و الأمراء الظلمة و یثنی علیهم و یتواضع لهم، و خطر له أن مدحهم و التواضع لهم حرام، قال له الشیطان: ان ذلک عند الطمع فی مالهم، و غرضک من الدخول علیهم دفع الضرر عن المسلمین دون الطمع، و اللّه یعلم من باطنه أنه لو ظهر لبعض اقرانه قبول عند ذلک السلطان، و کان بحیث یقبل شفاعته فی کل أحد، و هو لا یزال یستشفع و یدفع الضرر عن المسلمین، یثقل ذلک علیه، بحیث لو قدر أن یقبح حاله عند السلطان لفعل.
و ربما انتهی الغرور فی بعضهم إلی أن یأخذ من أموالهم المحرمة، و إذا خطر له أنها حرام، قال له الشیطان: هذا مال مجهول المالک یجب أن یتصدق به إمام المسلمین، و أنت إمامهم و عالمهم، و بک قوام دین اللّه، فیحل لک أن تأخذ منها قدر حاجتک و تصرف الباقی علی مصالح المسلمین، فیغتر بهذا التلبیس و لا یزال یأخذها من غیر أن یبذل شیئا منها فی مصرف غیره. و ربما انتهی الغرور فی بعضهم إلی حیث إنه إذا حضرت مائدتهم و أکل طعامهم و قیل له:
ان هذا لا یلیق بمثلک، قال: الأکل جائز بل واجب، اذ هذا مال لا یعلم مالکه، فیجب التصدق به علی الفقراء، و یجب علی مثلی بقدر القوة و الاستطاعة أن یجتهد فی استخلاصه من ید الظالم و ایصاله إلی أهله- أعنی الفقراء- و اکلی منها نوع قدرة علی استخلاصه، فآکل منه و أتصدق بقیمته علی الفقراء، و اللّه یعلم من باطنه أنه لا یتصدق بقیمته و لا یعتقد بحقیقة ما یقوله، و انما هو تلبیس ألقاه الشیطان فی روعه، لئلا یضعف اعتقاد العامة فی

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 19

صيغة PDF

شهادة

الفهرست