جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 18

فلو ظن أن مجرد تعلم الدواء یکفیه و یشفیه فهو مغرور، فکذلک من احکم علم الطاعات و لم یعملها، و احکم علم المعاصی و لم یجتنبها، و احکم علم الأخلاق و لم یزک نفسه عن رذائلها و لم یتصف بفضائلها، فهو فی غایة الغرور.
إذ قال اللّه تعالی:
قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَکَّاها [1] و لم یقل: قد أفلح من علم طریق تزکیتها.
ثم من هذه الطائفة فرقة متصفة برذائل الأخلاق و الغرور، أدی بهم الی حیث ظنوا أنهم منفکون عنها، و أنهم ارفع عند اللّه من أن یبتلیهم بها، و إنما یبتلی بها العوام دون من بلغ مبلغهم فی العلم. ثم إذا ظهرت علیه مخایل الکبر و الرئاسة و طلب العلو و الشرف قال: ما هذا تکبرا، و طنما هو طلب اعزاز الدین، و إظهار شرف العلم، و ارغام انف المخالفین. و مهما ظهرت منه آثار الحسد، و أطلق لسانه بالغیبة فی أقرانه و من رد علیه شیئا من کلامه، لم یظن بنفسه أن ذلک حسد، بل یقول: إن هذا غضب للحق ورد علی المبطل فی عداوته و ظلمه، مع أنه لو طعن فی غیره من أهل العلم، ورد علیه قوله، و منع من منصبه، لم یکن غضبه مثل غضبه الآن، بل ربما یفرح به، و لو کان غضبه للحق لا للحد علی اقرانه و خبث باطنه، لاستوی غضبه فی الحالین.
و إذا خطر له خاطر الریاء قال: غرضی من إظهار العلم و العمل اقتداء الخلق بی، لیهتدوا إلی دین اللّه و یتخلصوا من عقاب اللّه. و لا یتأمل المغرور انه لیس یفرح باقتداء الناس بغیره کما یفرح باقتدائهم به، و لو کان غرضه صلاح الخلق لفرح بصلاحهم علی ید من کان، و ربما یتذکر هذا و مع ذلک لا یخلیه الشیطان، بل یقول: إنما ذلک لأنهم إذا اهتدوا بی کان الأجر و الثواب لی،

(1) الشمس، الآیة: 9.

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 18

صيغة PDF

شهادة

الفهرست