responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 17

و (منهم) من أحکم جمیع العلوم من العقلیة و الشرعیة و تعمق فیها و اشتغل بها إلا أنه أهمل العمل رأسا، أو واظب علی الطاعات الظاهرة:
و أهمل صفات القلب، و ربما تفقد صفات القلب و أخلاق النفس أیضا و جاهد نفسه فی التبرّی عنها، و قلع من قلبه منابتها الجلیة القویة، و لکن بقیت فی زوایا قلبه خفایا من مکائد الشیطان و خبایا و تلبیات النفس ما دق و غمض مدرکه فلا یتفطن بها.
و جمیع هؤلاء غافلون مغرورون، اذا کان اعتقادهم انهم علی خیر و سعادة، و إن کان بینهم تفاوت من حیث الضعف و الشدة، إذ سعادة النفس و خلاصها عن العذاب لا تحصل إلا بمعرفة اللّه- تعالی- و معرفة صفاته و افعاله و أحوال النشأة الآخرة، و العلم برذائل الأخلاق و شرائفها، ثم تهذیب الباطن بفضائل الأخلاق و عمارة الظاهر بصوالح الطاعات و الاعمال، فکل من یعلم بعض العلوم و ترک ما هو المهم من العلم- أعنی معرفة سلوک الطریق و قطع عقبات النفس التی هی الصفات المذمومة المانعة عن الوصول إلی اللّه- و ظن انه علی خیر کان مغرورا، و إذا مات ملوثا بتلک الصفات کان محجوبا علی اللّه، فمن ترک العلم المهم و اشتغل بغیره، فهو کمن له مرض خاص مهلک فاحتاج إلی تعلم الدواء و استعماله، فاشتغل بتعلم مرض آخر یضاد مرضه فی المعالجة، کما ان من احکم العلوم بأسرها و ترک العمل، مثل المریض الذی تعلم دواء مرضه و کتبه، و هو یقرأه و یعلمه المرضی و لا یستعمله قط لنفسه، فانه لا ریب فی ان مجرد تعلم الدواء لا یشفیه، بل لو کتبت منه الف نسخة و علمه الف مریض حتی شفی جمیعهم و کرره کل لیلة الف مرة لم ینفعه ذلک من مرضه شیئا، حتی یشتری هذا الدواء و یشربه کما تعلم فی وقته، و مع شربه و استعاله یکون علی خطر من شفائه، فکیف إذا لم یشربه أصلا،
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست