رؤیة لأنها
غایة الکشف، و کما ان سنة اللّه جاریة بأن تطبق الاجفان یمنع من تمام الکشف
الذی هو الرؤیة فی المتخیلات، فکذلک سنته ان النفس ما دامت محجوبة بالبدن و
عوارضه و شهواته، لم یحصل لها تمام الکشف الذی هی المشاهدة و اللقاء فی
المعلومات الخارجیة عن الخیال، فإذا ارتفع بالموت حجاب البدن، و خلصت
النفس، لم یکن بعد فی غایة التنزه عن کدورات الدنیا، بل کانت ملوثة بها،
الا ان النفوس مختلفة فی ذلک: فمنها: ما تراکم علیه الخبث و الصدی، فصار
کالمرآة التی فسد بطول تراکم الخبث جوهرها، فلا تقبل الإصلاح و التصقیل. و
هؤلاء هم المحجوبون عن ربهم ابد الآباد. نعوذ باللّه من ذلک، و منها: ما
لم ینته إلی حد الرین و الطبع، و لم یخرج عن قبول التزکیة و التصقیل، و
هذه النفوس غیر متناهیة الدرجات و المراتب. اذ المتلوث بالکدورات عرض
عریض فی (الواقع) بین الرین و الطبع، و بین التزکیة التامة و التجرد الکلی
الذی لم یکن فیه شوب من الکدورات. و هذه النفوس المتلوثة علی اختلاف
درجاتها و مراتبها تحتاج إلی التطهیر لتستعد للمشاهدة و اللقاء بتجلی الحق
فیها، و تطهیرها انما هو بنوع عقوبة من العقوبات الأخرویة. و هی کمراتب
التلوث غیر متناهیة الدرجات اولها سکرة الموت، و آخرها الدخول فی النار، و
ما بینهما عقوبات البرزخ و أهوال القیامة بانواعها، فکل نفس لا بد لها من
عقوبة من هذه العقوبات لتتطهر من کدورتها: فمنها: ما یتطهر بمجرد سکرة
الموت و شدة النزع، و منها: ما یتطهر بها، و ینقص عقوبات البرزخ، و منها:
ما لا یتطهر إلا بأن یذوق بعض عقوبات الآخرة، و منها ما لا یحصل تطهیره إلا
بالعرض علی النار عرضا یقمع منها الخبث الذی تدنست به. فربما کان ذلک لحظة
حقیقة، و ربما کان سبعة آلاف سنة- کما وردت به الأخبار- و ربما کان أقل