responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 159

المعرفة، فان اللذات مختلفة بالنوع أولا، کمخالفة لذة الوقاع و لذة السماع، و لذة المعرفة و لذة الرئاسة، و کل نوع مختلف بالضعف و القوة، کمخالفة لذة الشبق المغتلم [1] من الجماع، و لذة الفاتر الشهوة منه، و کمخالفة لذة النظر إلی الوجه الجمیل و لذة النظر إلی الوجه الاجمل، و مخالفة لذة العلم باللغات و لذة العلم بالسماویات، و إنما یعرف أقوی اللذتین من اضعفهما بأن یؤثر علیه، فان المخیر بین النظر إلی صورة جمیلة و بین استنشاق روایح طیبة، اذا اختار الأول کان عنده الذهن الثانی، و المخیر بین الأکل و اللعب بالشطرنج، اذا اختار الثانی کانت لذة الغلبة فی الشطرنج أقوی عنده من لذة الأکل، و هذا معیار فی الکشف عن ترجیح اللذات.
و حینئذ نقول: لا ریب فی ان المعانی و اللذات الباطنة اغلب علی ذوی الکمال من اللذات الظاهرة، فلو خیر الرجل بین لذة أکل المطاعم الطیبة و لذة الرئاسة و الاستیلاء، فان کان عالی الهمة کامل العقل، اختار الرئاسة و ترک الأکل، و صبر علی الجوع أیاما کثیرة فضلا عن مدة قلیلة. نعم، ان کان خسیس الهمة میت القلب، ناقص العقل و البصیرة، کالصبی و المعتوه، ربما اختار لذة الأکل، و فعل مثله لیس حجة. ثم کما ان لذة الرئاسة و الکرامة اغلب و أرجح من اللذات الحسیة عند من جاوز نقصان الصبی و السفاهة، فکذلک لذة المعرفة باللّه و مطالعة جمال الحضرة الربوبیة الذعنده من لذة الرئاسة، بشرط أن یکون ممن ذاق اللذتین و ادرکهما، فلو کان ممن لم یذق لذة المعرفة باللّه لم یکن أهلا للترجیح و محلا للکلام، لاختصاص لذة المعرفة بمن نال رتبتها و ذاقها، و لا یمکن إثبات ذلک عند من لیس له
(1) الغلمة- وزان غرفة-: شدة الشهوة. و غلم غلما: من باب تعب، اذا اشتد شبقه. المغتلم: المنقاد للشهوة.
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست